وتارة خضرة زبرجدية، وأحيانا صفرة عسجدية (1) فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن أو تبلغه قرائح العقول (2) أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين وأقل أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه والألسنة أن تصفه!
خلقة النملة من خطبة له في وصف خلقة النملة:
أنظروا إلى النملة في صغر جثتها ولطافة هيئتها، لا تكاد تنال بلحظ البصر ولا بمستدق الفكر: كيف دبت على أرضها وصبت على رزقها! تنقل الحبة إلى جحرها وتعدها في مستقرها. تجمع في حرها لبردها وفي ورودها لصدرها، مكفولة برزقها مرزوقة بوفقها (3) لا يغفلها المنان ولا يحرمها الديان ولو في الصفا اليابس والحجر الجامس (4). ولو فكرت في مجاري أكلها، في علوها وسفلها، وما في الجوف من شراسيف بطنها (5) وما في الرأس من عينها وأذنها، لقضيت من خلقها عجبا ولقيت