خلقة الخفاش من خطبة له يذكر فيها خلقة الخفاش:
ومن لطائف صنعته وعجائب حكمته ما أرانا من غوامض الحكمة في هذه الخفافيش التي يقبضها الضياء الباسط لكل شئ، ويبسطها الظلام القابض لكل حي، وكيف عشيت أعينها عن أن تستمد من الشمس المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها وتصل بعلانية برهان الشمس إلى معارفها، وردعها تلألؤ ضيائها عن المضي في سبحات إشراقها (1) وأكنها في مكامنها عن الذهاب في بلج ائتلاقها (2) فهي مستدلة الجفون بالنهار على أحداقها، وجاعلة الليل سراجا تستدل به في التماس أرزاقها، فلا يرد أبصارها إسداف ظلمته (3)، ولا تمتنع من المضي فيه لغسق دجنته (4).
فإذا ألقت الشمس قناعها وبدت أوضاح نهارها، ودخل من إشراق نورها على الضباب (5) في وجارها، أطبقت الأجفان على مآقيها وتبلغت (6) بما اكتسبت من فيء ظلم لياليها. فسبحان من جعل الليل لها نهارا.