الحنان العميق وأدرك علي أن منطق الحنان أرفع من منطق القانون، وأن عطف الإنسان على الإنسان وسائر الكائنات، إنما هو حجة الحياة على الموت، والوجود على العدم!
ولم يكن موقف علي من المرأة ذلك الموقف الذي صوروه!
إذا كان من عدالة الكون وتكافؤ الوجود أن تلتقي على صعيد واحد بوارح الصيف ومعصرات الشتاء، وأن تفنى في حقيقة واحدة السوافي والأعاصير والنسيمات اللينات، وأن تحمل الطبيعة بذاتها، بكل مظهر من مظاهرها قانون الثواب والعقاب، فمن هذه العدالة أيضا ومن هذا التكافؤ أن تتعاطى قوى الطبيعة وتتداخل سواء في ذلك عناصر الجماد وعناصر الحياة. وسواء في ذلك ما انبثق عن هذه أو انسلخ عن تلك.
ولما كانت صفات الإنسان وأخلاقه وميوله وأحاسيسه منبثقة عن عناصر الحياة التي تتحد فتؤلف ما نسميه شخصية الإنسان، فهي متعاطية متداخلة، تثبت ذلك الملاحظة الطويلة والموازنة الدقيقة ثم قواعد العلم الحديث الذي لاحظ ووازن وأرسى مكتشفاته على أسس وأركان.
وقد مر معنا أن الإنسان في مذهب علي بن أبي طالب هو الصورة المثلى للكون الأمثل.
ومما يعزى إليه هذا القول يخاطب به الإنسان:
وتحسب أنك جرم صغير * وفيك انطوى العالم الأكبر