منطقهم الصواب ومشيهم التواضع روي أن صاحبا لابن أبي طالب يقال له (همام) قال له: يا أمير المؤمنين، صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم! فتثاقل الإمام عن جوابه قليلا، ثم قال في صفة المتقين قولا رائعا كثيرا، هذا بعضه:
أما بعد، فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم، لأنه لا تضره معصية من عصاه ولا ولا تنفعه طاعة من أطاعه، فقسم بينهم معايشهم ووضعهم من الدنيا مواضعهم، فالمتقون فيها هم أهل الفضائل: منطقهم الصواب وملبسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع، غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كما نزلت في الرخاء (1)، ولولا الأجل الذي كتب عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين.
لا يرضون من أعمالهم القليل ولا يستكثرون الكثير، فهم لأنفسهم