كان عليهم سرمدا من كلام له في وصف من فارقوا الدنيا:
لا يفزعهم ورود الأهوال ولا يحزنهم تنكر الأحوال، ولا يحفلون بالرواجف ولا يأذنون للقواصف، غيبا لا ينتظرون وشهودا لا يحضرون وإنما كانوا جميعا فتشتتوا، وما عن طول عهدهم ولا بعد محلهم عميت أخبارهم وصمت ديارهم (1)، ولكنهم سقوا كأسا بدلتهم بالنطق خرسا وبالسمع صمما وبالحركات سكونا.
جيران لا يتآنسون وأحباء لا يتزاورون، بليت بينهم عرى التعارف وانقطعت منهم أسباب الإخاء، فكلهم وحيد وهم جميع، وبجانب الهجر وهم أخلاء، لا يتعارفون لليل صباحا ولا لنهار مساء، أي الجديدين ظعنوا فيه كان عليهم سرمدا (2).