وهو ألزم لكم من ظلكم! الموت معقود بنواصيكم (1)، والدنيا تطوى من خلفكم، فاحذروا نارا قعرها بعيد، وحرها شديد، وعذابها جديد، ليس فيها رحمة ولا تسمع فيها دعوة!
دستور الولاة من رسالة كتبها للأشتر النخعي لما ولاه على مصر وأعمالها في عهد خلافته. وهي من جلائل رسائله ووصاياه، وأجمعها لقوانين المعاملات المدنية والحقوق العامة والتصرفات الخاصة في نهج الإمام. كما أنها من أروع ما أنتجه العقل والقلب جميعا في تقرير علاقة الحاكم بالمحكوم، وفي مفهوم الحكومة، حتى أن الإمام سبق عصره أكثر من ألف سنة بجملة ما ورد في هذه الرسالة - الدستور، من إشراق العقل النير والقلب الخير.
ثم اعلم يا مالك أني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور، وأن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك، ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم، وإنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده، فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح، فاملك هواك وشح بنفسك عما لا يحل لك