موجهة إلى إنسان معين في ظرف معين، أو من وحي هذا الإنسان في هذا الظرف!
لقد هاجم المرأة عندما كانت سببا في الفتنة، وهاجم الرجل في مثل هذه الحال. فهو بذلك يهاجم الفتنة وحسب!
أما موقف علي من المرأة كإنسان، فهو موقفه من الرجال كإنسان، لا فرق في ذلك ولا تمييز. أوليس في حزنه العميق على زوجه فاطمة وقد توفيت، دليل على إحساسه بقيمة المرأة كإنسان له كل حقوق الإنسان وعليه كل واجباته، وفي أساس هذه الحقوق والواجبات أن ينعم بالحنان الإنساني وينعم به الآخرين؟
أو لم يكن الناس في الجاهلية وبعد الجاهلية يتفاءلون بمولد الذكر ويفرحون ويتشائمون بمولد الأنثى ويحزنون!
أولم يكن موقف الفرزدق تعبيرا عن نظرة عصره إلى المرأة، وهو عصر متصل بزمن ابن أبي طالب، ساعة ماتت زوجته، وكان يحبها على ما زعموا، فقال فيها هذا القول العجيب:
وأهون مفقود، إذا الموت ناله، على المرء من أصحابه من تقنعا أي أن أهون فقيد على المرء من أصحابه ومعارفه فقيد يلبس القناع، ويريد به المرأة.
فالمرأة في قلبه وعلى لسانه لا تستحق أن تبكي، ولا أن يحزن عليها. لماذا؟ لا لشئ إلا لأنها امرأة!
وعلي، ألم يكن من أبناء ذلك الزمان؟ ولكنه كان أنفذهم تفكيرا وأشرفهم نظرا وأعمقهم إحساسا، فقال في جملة ما قال بهذا الشأن متلوما على أصحاب تلك العقلية الرعناء:
(وإن بعضهم يحب الذكور ويكره الإناث الخ). إذن، فالذكور والإناث بمنزلة واحدة عند علي تجمعهم صفة الإنسان وحسب.
أضف إلى ذلك أن عليا الذي يعطف على أناس عموما، وعلى الضعفاء منهم خصوصا، يفرض على الخلق الكريم أن يكون أشد حنانا على المرأة مستضعفة إن لم تكن ضعيفة، فيقول: (وانصروا المظلوم وخذوا فوق يد الظالم المريب وأحسنوا إلى نسائكم). ويقول في مكان آخر: (آمركم بالنهي عن المنكر والإحسان إلى نسائكم).