مقامه فهو جمعه رحمه الله بين وظيفتي المدعي والمنكر في قوله:
" إن الجهل إنما يثبت باعتراف الغابن، وبالبينة إن تحققت، وبقول مدعيه مع اليمين لأصالة عدم العلم الحاكمة على أصالة اللزوم..
ولا يمكن للغابن الحلف على علمه لجهله بالحال فتأمل " (1) فإن قوله رحمه الله بالبينة إن تحققت وبقول مدعيه إذا ادعى الجهل أو الغبن، يفيد، أن المغبون في نظره مدع ولذا أطلق عليه هذا اللفظ وما يجب عليه في اثبات الدعوى هو إقامة البينة.
وأنه منكر لأنه الذي وافق قوله للأصل وهو عدم علمه بها كما هو ميزان معرفة المنكر عن غيره.
ولا يخفى عليك ما في عبارة الشيخ في هذا المقام من عدم معلومية المراد وعدم تنقيحه من أن أيهما من الغابن والمغبون مدع وأن أيهما منكر.
فإن تعبيره قدس سره بأن الجهل إنما يثبت باعتراف الغابن وبالبينة إن تحققت، يعلم منه أن المدعي هو المغبون وإلا لما يحتاج إلى البينة فيكون الغابن على هذا منكرا.
وبأنه يثبت بقول مدعيه مع اليمين لأصالة عدم العلم الحاكمة على أصالة اللزوم، يعلم منه أنه منكر وإلا فلا معنى لاعتبار اليمين واعتبار موافقة قوله للأصل، لما مر من أنه ميزان لمعرفة المنكر، فعلى هذا يكون الغابن مدعيا عكس الأول.
وبقوله ولا يمكن للغابن الحلف على علمه لجهله بالحال إلى علم المغبون، يعلم منه أنه منكر مثل الأول.