وممن سار على هدي الشيخ الرئيس في الشفاء والنجاة، هو قطب الدين صاحب المحاكمات، فقد شرح هذا المقال، وقال:
لا شك أن للنفس الإنسانية إدراكا للأشياء وتصرفا في البدن وهو فعل منه، فأثبتوا للنفس قوتين: مبدأ إدراك ومبدأ فعل، من جهتي الإدراك من الملأ الأعلى، والفعل في العالم الأدنى وفي بدنه.
فبالجهة الأولى متأثرة، وبالجهة الثانية مؤثرة، والقوة التي يدرك بها النفس الأشياء يسمى العقل النظري، وبالقوة التي بها صارت مصدرا للأفعال يسمى عقلا عمليا، وإطلاق العقل على القوتين بالاشتراك اللفظي لاختلافهما من حيث إن الأولى منها نظير الانفعال، والثاني مصدر الفعل (الإدراك) أو بطريق التشابه لاشتراكهما في كونهما قوتي النفس. (1) وقد تبع صاحب المحاكمات الحكيم النراقي حيث نقل عن الشيخ الرئيس أنه قال: إن إدراك فضائل الأعمال ورذائلها من شأن العقل العملي، ثم أعرض عنه، وقال: والحق أن مطلق الإدراك والإرشاد إنما هو من العقل النظري، فهو بمنزلة المشير الناصح، والعقل العملي بمنزلة المنفذ الممضي لإشاراته، وما ينفذ فيه الإشارة فهو قوة الغضب والشهوة. (2) وعلى هذا فالعقل العملي ليس من مقولة الإدراك المتعلق بأعمال الإنسان في مجالات السياسة والتدبير أو الأخلاق أو تدبير المنزل، بل يكون - حسب تعبير النراقي - منفذا لما يحكم به العقل النظري.
ثم إن الشيخ المظفر - لما لم يكن واقفا على وجود المصطلح الثاني -