والنقص في المقام خارج عن إطار البحث، ولأجل ذلك لما طرحنا ذلك المثال صححناه بقولنا: فكل فعل يقع في طريق تحصيل ذلك الكمال أو يقع في طريق هذه فهو حسن أو قبيح، كما أن طرح ملائمة الغرض ومنافرته أو المصلحة والمفسدة إطالة في البحث، لما عرفت من أن الغرض الباعث لطرح هذه المسألة هو التعرف على أفعاله سبحانه دون أفعال الإنسان، ولو دخل الثاني فإنما دخل استطرادا، ومن الواضح بمكان أن فعله سبحانه خارج عن إطار المصلحة والمفسدة. وإن كان تشريعه للعباد غير خال عنهما لكن الكلام في فعله التكويني كتعذيب البرئ.
ومنه يظهر ضعف الملاك الثالث وهو تفسيرهما بما يقتضي المدح والذم والثواب والعقاب، ولما رأى أن فعله سبحانه فوق إطار الثواب والعقاب حذفهما في فعله وأثبتهما في فعل الإنسان، وهذا مما يعرب عن أن القوم لما ضاق عليهم الخناق مالوا يمينا وشمالا لتكثير ملاكات الحسن والقبح والاعتراف ببعض الصور وإنكار بعضها الآخر، مع أنه ليس للبحث إلا ملاك واحد وهو الذي عرفت. أعني:
موافقة الفعل للطبع العلوي أو مناقرته معه التي ربما يستعقب المدح أو الذم عند العقلاء ولكن ليس المدح أو الذم ملاكا لهما. وسيوافيك نقد كلامه تفصيلا في المستقبل (1).