وخلاصة مذهبه في الأخلاق إن كل إحساس عبارة عن حركة فيمن يحس، فإن كانت هذه الحركة ناعمة نشأ الشعور باللذة، وإن كانت خشنة نشأ الشعور بالألم، وإذا أصبحنا في حالة سكون لم نشعر بلذة ولا بألم. ومن بين هذه الأحوال الثلاثة: اللذة، الألم، الخلو من كليهما، الأفضل هو اللذة قطعا. تشهد على ذلك الطبيعة نفسها، لأن الجميع يطلبون اللذة ويتجنبون الألم. والخلو من الألم لا يمكن أن يكون أفضل من اللذة، لأن عدم الحركة هو عدم شعور، كما في النوم، فالخير إذن هو اللذة، والشر إذن هو الألم، وما ليس لذة ولا ألما فليس بشر ولا بخير.
ولهذا كانت الغاية من الأفعال جلب اللذات ولا يمكن الخلو من الألم أن يكون غاية، ولهذا أيضا جعلوا واجب الإنسان هو تحصيل أكبر قدر من اللذات، ولكن في اللحظة الحاضرة، لأن اللذة المقبلة، واللذة الماضية كلتيهما غير موجودة، إن الحاضر هو ملكنا، أما الماضي والمستقبل فليسا لنا، ولهذا ينبغي أن لا نحفل بهما.
وكل لذة خير ولا تفاضل بين اللذات، ولا بين الأمور المولدة للذات، فليكن الجالب للذة ما يكون، المهم أنه يجلب لذة فقط.
إن اللذات كلها سواء ولهذا لا يفرقون بين لذات تسمح بها العادات والقوانين، وأخرى لا تسمح بها. إن كل لذة مطلوبة حتى لو أنتجها فعل قبيح. (1) وصفوة القول: إن كل عمل يلائم الغريزة الإنسانية ويلتذ من ورائه حاضرا فهو حسن، وكل عمل يوجب ألما حاضرا فهو قبيح، وأما ما لا يوجب واحدا منها فهو خارج عن موضوع الأخلاق.