مذهب اللذة الذي كان يدور على الأنانية والغفلة عن مصالح المجتمع.
أما مذهب المنفعة، فقد تمكن من ملء هذه الثغرة من خلال تقرير حقيقة وهي أن منفعة المجتمع شاملة لمنفعة الفرد ومقدمة عليها.
ولكن هناك سؤالا: وهو أن تقديم النفع الجماعي، هل هو وسيلة للنفع الفردي الذي ينطوي في نفع الجمع، أو هو غاية هدف؟ فعلى الأول تعود الأنانية بأجلى مظاهرها، وحينها يتحد هذا المذهب مع مذهب اللذة، غير أن المذهب السابق لم ينبس عن النفع الجماعي ببنت شفة، ولكنه تمخض عن ذلك غير أنه أخذه واجهة للذة الفردية.
وعلى الثاني يكون نزيها عما ذكرنا من الإشكال.
هذه هي حصيلة مذهب المنفعة إلا أنها لا تخلو من مناقشات.
الأولى: إن تخصيص إطار الفعل الأخلاقي بما يرجع نفعه إلى المجتمع تخصيص بلا وجه، بل ثمة صفات محمودة تعد من أفضل الأفعال الأخلاقية مع أنها لا صلة لها بالمجتمع، كالأمور التالية:
أ. عدم الخضوع للظلم الذي يعبر عنه بإباء الضيم ب. عزة النفس وكرامتها، أعني: من لا يخضع لسفلة الناس من أجل كسب حطام الدنيا.
الثانية: إذا كان معيار الفعل الأخلاقي هو " جلب قدر أكبر من السعادة لأكثر عدد من الناس " فهو أمر مبهم وبحاجة إلى المزيد من البيان، فما هو المراد من أكثر عدد الناس؟ فهل المراد هو الكثرة العددية أو الكثرة النوعية؟ ولو كانت كثرة عددية فما حدها، فلو كان هناك عمل يتم لصالح 51 وينتهي بضرر 49، فهل هو عمل أخلاقي؟ وعلى الثاني فما هي الكيفية المعتبرة التي يتم على ضوئها عد