يلاحظ عليه بأمور:
أولا: أن مؤسس هذا المذهب نظر إلى الإنسان من زاوية ضيقة، وهي أن تلبية الغرائز الحيوانية تستتبع لذة، وكبح جماحها تستتبع ألما، ولكنه غفل في الوقت نفسه عن أن للإنسان وراء بعده المادي، بعدا روحانيا ملكوتيا لا صلة له بالغرائز المادية، ولا باللذائذ الحسية.
فالعارف بالله سبحانه المستغرق في جلاله وجماله، يلتذ بعبادته وخضوعه أمام الله سبحانه أكثر مما يلتذ به الإنسان المادي من أعمال غريزة من الغرائز السفلية.
كما أن الإنسان المثالي الذي يحب للغير ما يحبه لنفسه إذا قام بإجراء العدالة ونبذ الظلم، واجتثاث جذورها يلتذ بعمله هذا أكثر مما يلتذ به الإنسان الغارق في الشهوات والرغبات النفسية، فعلى صاحب هذا المذهب أن يفسر اللذة بالأعم من المادية والمعنوية، وموافقة الطبع ومنافرته، وبالطبع السفلي والعلوي، وعندئذ يخرج عن كونه رجلا ماديا حسيا لا يؤمن بما وراء الحس، كما هو المعروف من صاحب هذا المذهب.
ثانيا: لو افترضنا أن الأخلاق تتلخص في اللذائذ الشخصية والفردية غير أن أعمال الغرائز دون تعديل من قبل العقل والقوانين الوضعية، يوجب الفوضى في المجتمع، ويقلب اللذة ألما، فلا بد أن تحدد مشروعية اللذة بما يحدده القانون والرأي العام، فعندئذ لا تكون كل لذة مقرونة بالسعادة، كما هو المعروف من أنه فسر السعادة التي هي مذهب أستاذه سقراط، باللذة.
ثالثا: لماذا خصص اللذة باللذة الحالية وألغى الماضي والمستقبل مدعيا بأن كلا من اللذة المقبلة أو اللذة الماضية كلتيهما غير موجودة، مع أنه إذا كانت اللذة