فيقال إنه أطاع الله جزما والعقل فينا نظير الإلهام فيه.
ثم يقول: إن من يدعي حكم العقل بوجوب رد الوديعة وحرمة الظلم يدعي القطع بأن الله تعالى خاطبه بذلك بلسان العقل، فكيف يجوز العمل بالظن بخطاب الله تعالى وتكليفه ولا يجوز العمل مع اليقين به؟ فإن كان ولا بد من المناقشة فليكتف في منع حصول هذا القطع من جهة العقل وأنه لا يمكن ذلك. (1) وكلامه هذا كلام رصين وكان في وسعه الاقتصار على استكشاف العقل حكم الشارع بالوجوب والحرمة دون الجزاء بالثواب والعقاب، لأن الامتثال لا يلازم الثواب لما قرر في محله من أن الثواب تفضل من الله سبحانه وليس استحقاقا.
وبذلك ثبت أن ما يدركه العقل في مجال العقل العملي من الحسن والقبح قضية شمولية تعم كل فاعل مختار من غير فرق بين الممكن والواجب.