حكم أصلا، لا موافقا ولا مخالفا. ذلك بأن تخلو الواقعة عن الحكم رأسا، وعلى هذا تنفى الملازمة من جانب واحد، وأما الجانب الآخر فتجوز الملازمة.
المقام الثاني: إن عقولنا إذا أدركت الحكم الشرعي وجزمت به، فهل يجوز لنا اتباعها ويثبت بذلك الحكم في حقنا أو لا؟ (1) أما المقام الأول، فقال: الحق أنه لا ملازمة بين حسن الفعل وقبحه، وبين وقوع التكليف على حسبه ومقتضاه، ثم استدل على ذلك بعدة نقوض مكان إقامة الدليل.
الأول: حسن التكليف الابتدائي، وتكليف العبد لا لأجل حسن الفعل بل لأجل اختباره وأنه هل يمتثل أو لا.
يلاحظ عليه: أن المدعى هو أن حسن الفعل يستدعي التكليف لا أن كلما يصح التكليف فيه، فإنما هو لأجل حسن الفعل.
وبعبارة أخرى: الكلام في أن العقل إذا استقل بحسن الشئ أو قبحه يلازم كونه مطلوبا ومنزجرا عند الشارع، وليس الكلام في أن كل ما يصح فيه التكليف، فإنما هو لأجل حسن الفعل، بل ربما يكون حسن التكليف رهن أمر آخر غير حسن الفعل وهو اختبار العبد وبيان مقدار إطاعته وامتثاله.
الثاني: التكاليف التي ترد مورد التقية، فإن تلك التكاليف موصوفة بالحسن والرجحان لما فيها من صون المكلف عن مكائد الأعداء، وأن تجرد ما كلف به عن الحسن الابتدائي.
يلاحظ عليه: بنفس ما أوردناه على الدليل الأول، إذ البحث في أن حسن الفعل وقبحه يلازم بعث المولى أو زجره، وأما أن المصحح للتكليف فهو منحصر