في حسن الفعل فليس بمطروح، بل ربما يكون المصحح أمرا آخر غير حسن الفعل وهو حفظ النفوس والأعراض والأموال.
الثالث: أن كثيرا من علل الشرائع غير موجودة، ومع ذلك يصح التكليف فيما يفقد تلك الحكم كالاعتداد المعلل بعدم اختلاط المياه، مع أنه يجب الاعتداد حتى مع القطع بعدم الاختلاط كالغائب عنها زوجها، وكتشريع غسل الجمعة لرفع رائحة الآباط مع ثبوت استحبابه مع عدمها، وكراهة الصلاة في الأودية لكونها مظنة لمفاجأة السيل مع ثبوتها والقطع بعدمها، وقضية ذلك، حسن التكليف مع عدم حسن الفعل أو القبح من الفعل.
والجواب نفس الجواب وهو أن الملازمة بين حسن الفعل وحكم الشرع لا بين حكم الشرع وحسن الفعل ومثله جانب القبح.
الرابع: الأخبار الدالة على عدم تعلق بعض التكاليف رفعا للكلفة كقوله:
" لولا أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك " فالفعل الشاق قد يكون حسنا لكن لا يحصل الإلزام به لما فيه من التضييق على المكلف فالحسن موجود مع عدم الأمر .
يلاحظ عليه: أن المثال خارج عن محط البحث وهو أن حسن الفعل يلازم البعث وقبحه يلازم الزجر، والسواك ليس مما يستقل بحسنه العقل أو يستقل بقبح تركه، وإنما وقف العقل على ذلك عن طريق التجارب، حيث إن للسواك دورا في سلامة المزاج وصحته، فيدخل في باب إحراز المصالح والمفاسد، وقد قلنا إن العلم بالمصالح والمفاسد لا يلازم الوجوب أو الحرمة لعدم إحاطة العقل بالمناطات والملاكات فرب مصلحة تتزاحم بشئ آخر كما في المقام وهي المشقة.