الأول: من يضفي على العقل قوة التشريع وإمكان إدراكه ملاكات الأحكام ومصالحها ومفاسدها.
الثاني: من يعزل العقل عن مقام التشريع مطلقا.
الثالث: من اتخذ اتجاها وسطا فلا يعترف باستطاعة العقل على درك ملاكات الأحكام التي لا يقف عليها إلا علام الغيوب، وأن ما يدركه من المصالح والمفساد ليست ملاكات تامة لتشريع الحكم على وفقها، وفي الوقت نفسه يعترف باستطاعة العقل لدرك حسن الأفعال وقبحها.
فمن اختار الاتجاه الأول فقد ذهب إلى حجية القياس التي تبتني على درك ملاكات الأحكام بالحدس والتخمين، مع أن دين الله لا يصاب بالعقول.
كما أن أصحاب الاتجاه الثاني عزلوا العقل عن درك أبسط الأمور وأوضحها.
والاتجاه الثالث هو الوسط بينها.
وبالوقوف على محل النزاع تعرف أن أدلة الكثير من المثبتين والنافين متداخلة، وما ذلك إلا لأنهم لم يحرروا محل النزاع.
ولنقدم دليل المختار ثم نعرج إلى أدلة نفاة القول بالملازمة.
دليل الملازمة يكمن في الوقوف على حدود ما أدركه العقل في مجال الحسن والقبح، فهناك احتمالات:
أ. أن يكون المدرك للعقل هو حسن الفعل أو قبحه إذا صدر من الإنسان.
ب. أن يكون المدرك للعقل هو حسن الفعل أو قبحه من حيث صدوره عن الفاعل المختار سواء أكان ممكنا كالإنسان أو واجبا كالله سبحانه.
فلو كان المدرك للعقل هو الأول لم يكن لكشف الملازمة هناك طريق، لأن