فمنهم العلامة الشيخ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي الشافعي المشتهر بابن عساكر في " تاريخ مدينة دمشق " (ج 11 ص 620 ط دار البشير) قال:
ذكر في ترجمة عصمة بن أبي عصمة إسرافيل بن كمال أبي عمرو البخاري بإسناده عن عصمة العباذاني، قال: كنت أجول في بعض الفلوات إذ أبصرت ديرا وإذا في الدير صومعة وفي الصومعة راهب فناديته: يا راهب! فأشرف علي فقلت له: من أين تأتيك الميرة؟ قال: من مسيرة شهر، قلت له: حدثني بأعجب ما رأيت في هذا الموضع. فقال: نعم بينا أنا ذات يوم أدير نظري في هذه البرية القفر وأتفكر في عظمة الله وقدرته إذ رأيت طائرا أبيض مثل النعامة كبيرا قد وقع على تلك الصخرة - وأومأ بيده إلى صخرة بيضاء - فتقايا رأسا ثم رجلا ثم ساقا.
وإذا هو كلما تقايا عضوا من تلك الأعضاء التأمت بعضها إلى بعض أسرع من البرق الخاطف بقدرة الله عز وجل حتى استوى رجلا جالسا بقدرة الله، فإذا هم بالنهوض نقره الطائر نقرة قطعه أعضاء ثم يرجع فيبتلعه فلم يزل على ذلك أياما، فكثر والله تعجبي منه وازددت يقينا بعظمة الله عز وجل وعلمت أن لهذه الأجساد حياة بعد الموت، فم يزل على ذلك أياما فالتفت إليه يوما فقلت: يا أيها الطائر سألتك بحق الله الذي خلقك وبرأك إلا ما أمسكت عنه حتى أسائله فيخبرني بقصته، فأجاب الطائر بصوت عربي طلق: لربي الملك وله البقاء الذي يفنى كل شئ ويبقى، أنا ملك من ملائكة الله موكل بهذا الجسد لما أجرم وجرى عليه من قضاء الله وأمرني الله أن آتي هذا المكان لتسأله وتخاطبه ليخبرك بما كان منه فأسأله.
فالتفت إليه فقلت: يا هذا الرجل المسئ إلى نفسه ما قصتك ومن أنت؟ قال: أنا عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي وإني لما قتلته وصارت روحي بين يدي الله عز وجل ناولني صحيفة مكتوبة فيها ما عملته من الخير والشر منذ يومي ولدتني أمي إلى أن قتلت علي بن أبي طالب وأمر الله هذا الملك بعذابي إلى يوم القيامة فهو يفعل بي ما قد تراه، ثم سكت فنقره ذلك الطائر نقرة نثر أعضاءه بها ثم جعل يبتلعه عضوا