من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة خرج الحسين من أصحابه حتى أتى الناس فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا فقاله.
ثم قال بعد ذلك: أين عمر بن سعد ادعو إلي عمر فدعي له وكان كارها لا يحب أن يأتيه فقال: يا عمر أنت تقتلني وتزعم أن يوليك الدعي بن الدعي بلاد الري وجرجان والله لا تتهنأ بذلك أبدا. عهد معهود فاصنع ما أنت صانع فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة وكأني برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة يتراماه الصبيان ويتخذونه غرضا بينهم فغضب عمر بن سعد من كلامه ثم صرف وجهه عنه ونادى بأصحابه: ما تنظرون به احملوا بأجمعكم إنما هي أكلة واحدة.
ورواه العلامة ابن عساكر الدمشقي في (تاريخ دمشق) (على ما في منتخبه ج 4 ص 333 ط روضة الشام).
قال: عن أبي بكر بن دريد لكنه قال: لما استكفأ الناس بالحسين ركب فرسه ثم استنصت الناس فأنصتوا له فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على نبيه ثم قال:
تبا لكم أيتها الجماعة وترحا حين استصرختمونا ولهين فأصرخناكم موجعين شحذتم علينا سيفا كان في أيماننا وحششتم علينا نارا فقدحناها على عدوكم وعدونا فأصبحتم ألفا على أوليائكم ويدا عليهم لأعدائكم بغير عدل رأيتموه بثوه فيكم ولا أصل أصبح لكم فيهم ومن غير حدث كان منا ولا رأي ثقيل فينا فهلا لكم الويلات إذا كرهتموها تركتمونا والسيف مشيم والجاش ضامن والرأي لم يستخف ولكن استصرعتم الشاب طيرة الدنيا وتداعيتم الينا كتداعي الفراش فيحا وحكة وهلوعا وذلة لطواغيت الأمة وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب وغضبة الأنام وبقية الشيطان ومحرفي الكلام ومطفئ السنن وملحقي العهرة بالنسب واسف المؤمنين ومزاح المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون فهؤلاء يعضدون وعما يتخاذلون أجل والله الخذل فيهم معروف وشجت عليه عروقكم واستاذرت عليه أصولكم