ومن كلامه عليه السلام في موعظة أعدائه أيها الناس اسمعوا مني نصيحة أقولها لكم، فأنصت الناس كلهم، فقال بعد حمد الله والثناء عليه: أيها الناس إن قبلتم مني وأنصفتموني كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم على سبيل، وإن لم تقبلوا مني فاجمعوا أمركم وشركاءكم، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين. فلما سمع ذلك أخواته وبناته ارتفعت أصواتهن بالبكاء فقال عند ذلك: لا يبعد الله ابن عباس، يعني حين أشار عليه أن لا يخرج بالنساء معه ويدعهن بمكة إلى أن ينتظم الأمر ثم بعث أخاه العباس فسكتهن، ثم شرع يذكر الناس فضله وعظمة نسبه وعلو قدره وشرفه، ويقول: راجعوا أنفسكم وحاسبوها هل يصلح لكم قتال مثلي؟ وأنا ابن بنت نبيكم، وليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري، وعلي أبي، وجعفر ذو الجناحين عمي، وحمزة سيد الشهداء عم أبي وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة، فإن صدقتموني بما أقول فهو الحق، فوالله ما تعمدت كذبة منذ علمت أن الله يمقت على الكذب وإلا فاسألوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، جابر بن عبد الله، وأبا سعيد، وسهل ابن سعد، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك يخبرونكم بذلك، ويحكم! أما تتقون الله أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟ فقال عند ذلك شمر بن ذي الجوشن: هو يعبد الله على حرف إن كنت أدري ما يقول؟ فقال له حبيب بن مطهر: والله يا شمر إنك لتعبد الله على سبعين حرفا، وأما نحن فوالله إنا لندري ما يقول، وإنه قد طبع على قلبك، ثم قال: أيها الناس ذروني أرجع إلى مأمني من الأرض، فقالوا: وما يمنعك
(٦١٥)