ومن خطبة له عليه السلام الحمد لله الذي هدى أولكم بأولنا وآخركم بآخرنا، اسمعوا مني مقالتي وأعيروني فهمكم، وبك أبدأ يا معاوية، فوالله ما هؤلاء سبوني ولكنك يا معاوية سببتني فحشا، وخلقا سيئا، وبغيا علينا، وعداوة لمحمد صلى الله عليه وآله ولأهل بيته: عليهم السلام قديما وحديثا، وأيم الله لو أني وإياهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحولنا أهل المدينة ما استطاعوا أن يتكلموا بما تكلموا به، ولكن بك يا معاوية أبدأ فاسمع مني وليسمع الملأ فاسمعوا أيها الملأ ولا تكتموا حقا علمتموه ولا تصدقوا باطلا إن نطقت به أنشدكم الله هل تعلمون أن الرجل الذي تشتمونه صلى القبلتين كلتيهما، وأنت يا معاوية كافر بهما تراهما ضلالة، وتعبد اللات والعزى، وبايع البيعتين كلتيهما بيعة الفتح وبيعة الرضوان، وأنت يا معاوية بالأولى كافر وبالثانية ناكث، ثم أنشدكم الله هل تعلمون أن نبي الله صلى الله عليه وآله لعنكم يوم بدر، ومع علي راية النبي والمؤمنين ولعنكم يوم الأحزاب ومع علي راية النبي والمؤمنين، ومعك يا معاوية راية المشركين من بني أمية، فعلي بذلك يفلج الله حجته ويحق الله دعوته وينصر دينه ويصدق حديثه علي بذلك رسول الله راض عنه والمسلمون عنه راضون، ثم أنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاصر أهل خيبر فبعث عمر بن الخطاب براية المهاجرين، وبعث سعد بن معاذ براية الأنصار، فأما سعد فجيء به جريحا، وأما عمر فجاء يجبن أصحابه حتى قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله، ثم لا ينسني (ينثني) حتى يفتح الله له إنشاء الله فتعرض لها أبو بكر وعمر ومن ثم من المهاجرين والأنصار وعلي يومئذ أرمد شديد الرمد، فدعاه رسول الله فتفل في عينيه وأعطاه الراية وقال: اللهم قه الحر والبرد، فلم ينثن حتى
(٢١٠)