ومن خطبة له عليه السلام يوم عاشوراء الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال متصرفة بأهلها حالا بعد حال فالمغرور من غرته، والشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الدنيا فإنها تقطع رجاء من ركن إليها وتخيب طمع من طمع فيها وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، فأعرض بوجهه الكريم عنكم وأحل بكم نقمته، وجنبكم رحمته فنعم الرب ربنا وبئس العبيد أنتم، أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد، ثم إنكم زحفتم إلى ذريته تريدون قتلهم لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم فتبا لكم وما تريدون، إنا لله وإنا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين.
فقال عمر بن سعد: ويلكم كلموه فإنه ابن أبيه، والله لو وقف فيكم هكذا يوما جديدا لما قطع ولما حصر فكلموه، فتقدم إليه شمر بن ذي الجوشن فقال: يا حسين ما هذا الذي تقول أفهمنا حتى نفهم، فقال عليه السلام: أقول لكم: اتقوا الله ربكم ولا تقتلون فإنه لا يحل لكم قتلي ولا انتهاك حرمتي فإني ابن بنت نبيكم وجدتي خديجة زوجة نبيكم، ولعله قد بلغكم قول نبيكم محمد صلى الله عليه وآله: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ما خلا النبيين والمرسلين فإن صدقتموني بما أقول وهو الحق فوالله ما تعمدت كذبا منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله، وإن كذبتموني فإن فيكم من الصحابة مثل جابر بن عبد الله وسهل بن سعد، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك فاسألوهم عن هذا فإنهم يخبرونكم أنهم سمعوه من رسول الله، فإن كنتم في شك من أمري، أفتشكون أني ابن بنت نبيكم، فوالله ما بين المشرقين والمغربين ابن بنت نبي غيري، ويلكم أتطلبوني بدم أحد منكم قتلته، أو بمال استملكته أو بقصاص