وتساورت الأقران، واقتحمت الليوث، واعتركت المنية، وقامت رحاؤها على قطبها وفرت عن نابها، وطار شرار الحرب، فقتلنا رجالكم، ومن النبي صلى الله عليه وسلم على ذراريكم فكنتم لعمري في هذا اليوم غير مانعين لما وراء ظهوركم من بني عبد المطلب، ثم قال:
وأما أنت يا مروان فما أنت والإكثار في قريش، أنت طليق وأبوك طريد يتقلب من خزاية إلى سوءة، ولقد جئ بك إلى أمير المؤمنين، فلما رأيت الضرغام قد دميت براثنه واشتبكت أنيابه كنت كما قال:
ليث إذا سمع ليو زئيره * يبصبصن ثم قذفن بالأبعار رواه العلامة الشيخ إبراهيم بن محمد البيهقي المتوفى سنة 300 بقليل في (المحاسن والمساوي) (ص 78 ط بيروت) قاله عليه السلام لما كان معاوية مع عمرو بن عاص، ومروان بن الحكم، وزياد بن أبي سفيان يتحاورون في قديمهم وحديثهم ومجدهم، فقال معاوية: أكثرتم الفخر فلو حضركم الحسن بن علي وعبد الله بن العباس لقصرا من أعنتكما ما طال، فقال زياد: وكيف ذلك يا أمير المؤمنين، ما يقومان لمروان بن الحكم في غرب منطقه ولا لنا في بواذخنا، فابعث إليهما في غد حتى نسمع كلامهما، فقال معاوية لعمرو: ما تقول؟ قال: هذا فابعث إليهما في غد فبعث إليهما معاوية ابنه يزيد فأتياه ودخلا عليه وبدأ معاوية فقال: إني أجلكما وأرفع قدركما عن المسامرة بالليل، ولا سيما أنت يا أبا محمد فإنك ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد شباب أهل الجنة. فتشكرا له فلما استويا في مجلسهما وعلم عمرو أن الحدة ستقع به قال:
والله لا بد أن أقول فإن قهرت فسبيل ذلك قهرت أكون قد ابتدأت، فقال: يا حسن إنا تفاوضنا فقلنا إن رجال بني أمية أصبر عن اللقاء، وأمضى في الوغى، وأوفى عهدا وأكرم خيما (إلى أن قال:) فتكلم الحسن.