ومن كلامه عليه السلام في جواب مروان ويلك يا مروان لقد تقلدت مقاليد العار في الحروب عند مشاهدتها، والمخاذلة عند مخالطتها، هبلتك أمك، لنا الحجج البوالغ، ولنا عليكم إن شكرتم النعم السوابغ ندعوكم إلى النجاة وتدعوننا إلى النار، فشتان بين المنزلتين، تفتخر ببني أمية وتزعم أنهم صبر في الحرب، أسد عند اللقاء، ثكلتك الثواكل أولئك البهاليل السادة والحماة الذادة، والكرام القادة: بنو عبد المطلب، أما والله لقد رأيتهم أنت وجميع من في المجلس ما هالتهم الأهوال، ولا حادوا عن الأبطال، كالليوث الضارية الباسلة الحنقة، فعندها وليت هاربا وأخذت أسيرا، فقلدت قومك العار، لأنك في الحروب خوار، أتهرق دمي، فهلا أهرقت دم من وثب على عثمان في الدار فذبحه كما يذبح الحمل، وأنت تثغو ثغاء النعجة وتنادي بالويل والثبور كالمرأة الوكعاء، ما دافعت عنه بسهم، ولا منعت دونه بحرب، قد ارتعدت فرائصك، وغشي بصرك، واستغثت كما يستغيث العبد بربه، فأنجيتك من القتل، ثم جعلت تبحث عن دمي وتحض على قتلي، ولو رام ذلك معاوية معك لذبح كما ذبح ابن عفان وأنت معه أقصر يدا، وأضيق باعا، وأجبن قلبا من أن تجسر على ذلك، ثم تزعم أني ابتليت بحلم معاوية، أما والله لهو أعرف بشأنه وأشكر لنا إذ وليناه هذا الأمر، فمتى بدا له فلا يغضين جفنه على القذى معك، فوالله لأعنفن أهل الشام بجيش يضيق فضاؤه ويستأصل فراسانه، ثم لا ينفعك عند ذلك الروغان والهرب، ولا تنتفع بتدريجك الكلام، فنحن من لا يجهل آباؤنا الكرام القدماء الأكابر، وفروعنا السادة الأخيار الأفاضل، انطق إن كنت صادقا.
(٢٢٢)