____________________
والجواب ما تقدم عند بيان نزول آية الولاية، وما ذكرناه هناك مشروحا.
ومجمل ذلك: أن التأمل التام في وقعة الغدير، وما حوته من المزايا الغريبة، والأمور المهمة يرشد إلى فساد الدعوى المذكورة بكل وضوح لمن لم يكن أعمى البصر والبصيرة، وينبئ عن بلوغ القحة للعدو العنيد في العداوة للحق السديد إلى حد إنكار الواضحات، فإن اشتمال الآية الشريفة النازلة فيها على التهديد الشديد المساوق لما ذكر آنفا، من سقوطه عن درجة النبوة - والعياذ بالله - على ترك التبليغ، أو تأجيله عن تلك الساعة الرمضاء، وفي ذلك النهار المحتشد فيه جموع القبائل.
ثم ارتعاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونزوله في تلك الصحراء اللفيفة بالأشواك المشققة والمدمية للكعاب القاسية، ولم يكن النزول فيها معهودا قط، وكان ذلك منه بعد تجافيه عن التبليغ، وبعد الاستمهال لذلك أولا وثانيا؛ حذرا من ارتداد الجموع، وخوفا من ذهاب أتعابه في سبيل الدين كلها سدى، حتى نزلت عليه آية العصمة من كيد المنافقين، وأذهبت عنه الوحشة من اجترائهم على التظاهر بالتكذيب، وبذلك شد أزره، وبادر مسرعا إلى إطاعة أمر ربه تعالى، خوفا من غضبه، ونادى برفيع صوته: " أنيخوا راحلتي فوالله لا أبرح حتى أبلغ رسالة ربي " (1) إلى أن نزل وأمر برجوع المتقدم، ولحوق المتأخر من الجموع.
ثم أمر بنصب أقتاب الجمال حتى صارت كمنبر رفيع ذي درجات عشرة، أو اثنتي عشر، فصعد عليها، وأنشأ تلك الخطبة الطويلة الغراء، مناديا بها برفيع صوته يسمعها جميع الحاضرين، وهم مائة وعشرون ألف نسمة، ويكرر فيها التوصية بعلي (عليه السلام)، ويؤكد عليهم فيها إطاعة أوامره ونواهيه، ويحذرهم فيها عن عصيانه ومخالفته وعن الانحراف عنه، ويشدد عليهم بإبلاغ الغائبين.
ثم انحنى من فوق منبره وأخذ بعضد علي (عليه السلام) وانتزعه من الأرض، ورفعه فوق رأسه حتى بان بياض إبطيهما، وأراه للجماهير كلهم، وبالغ في رفع صوته،
ومجمل ذلك: أن التأمل التام في وقعة الغدير، وما حوته من المزايا الغريبة، والأمور المهمة يرشد إلى فساد الدعوى المذكورة بكل وضوح لمن لم يكن أعمى البصر والبصيرة، وينبئ عن بلوغ القحة للعدو العنيد في العداوة للحق السديد إلى حد إنكار الواضحات، فإن اشتمال الآية الشريفة النازلة فيها على التهديد الشديد المساوق لما ذكر آنفا، من سقوطه عن درجة النبوة - والعياذ بالله - على ترك التبليغ، أو تأجيله عن تلك الساعة الرمضاء، وفي ذلك النهار المحتشد فيه جموع القبائل.
ثم ارتعاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونزوله في تلك الصحراء اللفيفة بالأشواك المشققة والمدمية للكعاب القاسية، ولم يكن النزول فيها معهودا قط، وكان ذلك منه بعد تجافيه عن التبليغ، وبعد الاستمهال لذلك أولا وثانيا؛ حذرا من ارتداد الجموع، وخوفا من ذهاب أتعابه في سبيل الدين كلها سدى، حتى نزلت عليه آية العصمة من كيد المنافقين، وأذهبت عنه الوحشة من اجترائهم على التظاهر بالتكذيب، وبذلك شد أزره، وبادر مسرعا إلى إطاعة أمر ربه تعالى، خوفا من غضبه، ونادى برفيع صوته: " أنيخوا راحلتي فوالله لا أبرح حتى أبلغ رسالة ربي " (1) إلى أن نزل وأمر برجوع المتقدم، ولحوق المتأخر من الجموع.
ثم أمر بنصب أقتاب الجمال حتى صارت كمنبر رفيع ذي درجات عشرة، أو اثنتي عشر، فصعد عليها، وأنشأ تلك الخطبة الطويلة الغراء، مناديا بها برفيع صوته يسمعها جميع الحاضرين، وهم مائة وعشرون ألف نسمة، ويكرر فيها التوصية بعلي (عليه السلام)، ويؤكد عليهم فيها إطاعة أوامره ونواهيه، ويحذرهم فيها عن عصيانه ومخالفته وعن الانحراف عنه، ويشدد عليهم بإبلاغ الغائبين.
ثم انحنى من فوق منبره وأخذ بعضد علي (عليه السلام) وانتزعه من الأرض، ورفعه فوق رأسه حتى بان بياض إبطيهما، وأراه للجماهير كلهم، وبالغ في رفع صوته،