____________________
ويعلم بذلك أن رتبته (عليه السلام) فوق مراتب كلهم بعد النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) من غير استثناء، وذلك لوضوح أن كمال رتبة العبد إنما يكون بكمال معرفته، وإن كمال معرفته سبب لفضل عبادته. وعليه فإذا كان علي (عليه السلام) أفضل الخلائق عبادة، ثبت بطريق الإن (1) أنه (عليه السلام) أكمل معرفة، ويثبت بذلك أنه أكمل رتبة وأرفع منزلة وأعلى مقاما، وأفضل درجة من جميع الثقلين حتى الأنبياء والمرسلين، والملائكة المقربين (عليهم السلام) ما خلا النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) لكونه سيد الثقلين وغير داخل في ظاهر العبارة. كل ذلك لقيام القرائن الحالية والمقامية الظاهرة بأدنى تأمل. ويشهد لذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه حين ما برز (عليه السلام) لقتال عمرو مسرعا مهرولا: " قد برز الإيمان كله إلى الشرك كله " (2) فإنه يشير إلى كون الوصي (عليه السلام) أصل الإيمان وحقيقته وأساسه ومنبعه، وأن إيمان كل مؤمن من العلويين والسفليين عامة فرع من فروعه ومنتشأ منه، حتى المتقدم منهم في الحياة الظاهرية والوجود الخارجي على خلقته العنصري، وضربته المتأخرة فضلا عن إيمان من تأخر عنه (عليه السلام). وذلك لأن تلك الضربة كانت سببا منحصرا، وعلة تامة لانتشار دين النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وثباته وبقائه، بل وسببا تاما بإذن الله تعالى وأمره لحياته (صلى الله عليه وآله وسلم) الظاهرية التي كانت علة غائية لخلق الأفلاك والأملاك، بمقتضى خطابه تعالى له (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة المعراج بقوله سبحانه: " لولاك لما خلقت الأفلاك " (3). وعليه فتكون الضربة وفاعلها صنوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في كونه علة غائية لوجوداتها الخارجية، المترتب عليها إيمانها، فهو (عليه السلام) كصنوه الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) سبب تام لها بأجمعها، كيف لا؟ وقد علم المؤالف والمخالف انحصار أمر الضربة ودفع جموع الأحزاب وألوف