____________________
المبدأ، فيقال في تفسير الضارب مثلا: إنه عبارة عن ذات ثبت لها الضرب، وكذا في الآكل والشارب وأمثالهما، فلابد من إرادة ذلك أيضا في المتكلم، ولا يمكن التخلص من محاذير ذلك إلا بالالتزام بالكلام النفسي، وذلك لزعم أن قيام اللفظ به تعالى لا يكون إلا بنحو الحلول، وهو مستحيل فيه سبحانه.
ثم اعترض ثالثا على ما تقدم بيانه من تفسير المتكلم بموجد الكلام وخالق الكلام بأنه لو صح ذلك للزم صحة توصيف خالق الذوق بالذائق، وخالق الحديد بالحداد، وخالق الصبغ بالصباغ، وهكذا، وذلك شطط من الكلام تضحك به الثكلى، وعليه فلا محيص عن القول بأن المتكلم وصف ذاتي لمن قام به لا لمن خلقه (1).
ولا يذهب عليك أن كل ذلك خلط ومغالطة وإصلاح للفاسد بالأفسد:
أما ما تشبث به تبعا لأسلافه من قول عمر: " زورت في نفسي " (2) إلى آخره فلا يجديهم نفعا لإثبات ما أبدعوه، فإنه على تقدير صحته ثم تسليم لياقته للتشبث به، ليس فيه ظهور ولا إشارة إلى مخترعهم أصلا، فإن الظاهر القطعي أن المراد منه تصور الكلام اللفظي، وترتيب كلماته وهيئاته في النفس، ومن الواضح أن التصور المذكور لا تحقق له إلا بنفس وجوده العلمي، بحيث يوجد بنفس التوجه إليه، وينعدم بالغفلة عنه، وأين ذلك عما راموا إثباته من وجود كلام في النفس قسيم للعلم والطلب مغاير للتصور بحيث لم يكن بينهما إلا التباين.
وكذا الأمر فيما تشبثوا به من قول الشاعر: " إن الكلام لفي الفؤاد " (3) إلى آخره؛ فإنه على تقدير لياقته للتشبث به إنما أشير به إلى صور الكلام المرتسمة في النفس، وتصور هيئاته، وأين ذلك عن الكلام النفسي.
ولو فرض تسميتهم نفس التصور المذكور كلاما، لجرى مثل ذلك في تصور
ثم اعترض ثالثا على ما تقدم بيانه من تفسير المتكلم بموجد الكلام وخالق الكلام بأنه لو صح ذلك للزم صحة توصيف خالق الذوق بالذائق، وخالق الحديد بالحداد، وخالق الصبغ بالصباغ، وهكذا، وذلك شطط من الكلام تضحك به الثكلى، وعليه فلا محيص عن القول بأن المتكلم وصف ذاتي لمن قام به لا لمن خلقه (1).
ولا يذهب عليك أن كل ذلك خلط ومغالطة وإصلاح للفاسد بالأفسد:
أما ما تشبث به تبعا لأسلافه من قول عمر: " زورت في نفسي " (2) إلى آخره فلا يجديهم نفعا لإثبات ما أبدعوه، فإنه على تقدير صحته ثم تسليم لياقته للتشبث به، ليس فيه ظهور ولا إشارة إلى مخترعهم أصلا، فإن الظاهر القطعي أن المراد منه تصور الكلام اللفظي، وترتيب كلماته وهيئاته في النفس، ومن الواضح أن التصور المذكور لا تحقق له إلا بنفس وجوده العلمي، بحيث يوجد بنفس التوجه إليه، وينعدم بالغفلة عنه، وأين ذلك عما راموا إثباته من وجود كلام في النفس قسيم للعلم والطلب مغاير للتصور بحيث لم يكن بينهما إلا التباين.
وكذا الأمر فيما تشبثوا به من قول الشاعر: " إن الكلام لفي الفؤاد " (3) إلى آخره؛ فإنه على تقدير لياقته للتشبث به إنما أشير به إلى صور الكلام المرتسمة في النفس، وتصور هيئاته، وأين ذلك عن الكلام النفسي.
ولو فرض تسميتهم نفس التصور المذكور كلاما، لجرى مثل ذلك في تصور