واضحة لورودها في بيان أن الوضوء الواجب هو إزالة الخبث ورفع الحدث وعلى فرض ورودها لبيان الوضوء المفترض والغض عن أنه لا يجتمع المفترضية مع قوله: " ثم يتوضأ مرتين مرتين " لا دلالة فيها على أنه في مقام بيان تمام كيفية الاستنجاء، بل الظاهر أنه أراد أن يبين أن الجائي من الغائط عليه غسل مخرج البول وتطهير مخرج الغائط بإذهاب ما فيه وانقائه منه، فكأنهما مقدمتان للوضوء، لأن الواجب إزالة النجاسة لما يتوضأ له، وقد جرى العادة بتقديم تلك الإزالة على الوضوء فكان محلها قبله، كما يومئ إلى عدم ورودها لبيان تمام كيفية الاستنجاء عدم تعرضها لكثير من واجباتها، فورودها لبيان أصل لزوم إزالة الخبث هو الأظهر.
وهنا وجه آخر لعدم وروده مورد البيان وهو قوة احتمال وروده لبيان لزوم الغسل في البول وعدم كفاية غيره، كما يشهد له ذكره للغائط في مقابله وأن اللازم فيه اذهابه بأي نحو كان، وهكذا سائر ما ادعي إطلاقه في المقام، على أنه على فرض تسليم الاطلاق يجب رفع اليد عنه بما ورد في أن البدن يغسل من البول مرتين، فإن موضع الاستنجاء أيضا من البدن، ومع الغض عن المقيد فالأولى والأحوط هو الرجوع إلى الاستصحاب.
ومنه يعلم أن الأحوط، بل الأقوى في المسألة الاولى عدم القناعة بالمثلين، بل يراعى استيلاء الماء عليه على وجه يكون ما في المخرج من البول مستهلكا فيه كما قواه الأستاذ - طاب ثراه - فيما علقه عليه.
قوله (قدس سره): (والظاهر عدم الفرق في ذلك بين الذكر والانثى والخنثى وغيرها مما يخرج من ثقب ونحوه، أصليا كان أو عارضيا معتادا) لشمول أدلة الاستنجاء عن البول للجميع.
وتوهم الاختصاص بذي الحشفة كما احتمله في الجواهر لا وقع له أصلا، لأن ذكرها الوارد في الأخبار إنما خرج مخرج الغالب في الذكور، ولأن العادة جرت في المشتركات بين الذكور والإناث ما لم يحتمل خصوصية لأحدهما في السؤال والجواب بذكر الذكور، وإجراء الحكم في الإناث بقاعدة الشركة والتغليب.