الثناء عليكم فماذا تصنعون؟ قالوا: نستنجي بالماء " (1). إلى غير ذلك من الاخبار.
ولا ينافيه قوله: " ولا يغسله " في صحيحة زرارة، لأنه بيان لما جرت به السنة أول الأمر، فإنهم كانوا في بدو الأمر يمسحون ولا يغسلون مكتفيا به، كما لا ينافيه صحيحته الاخرى: " كان علي بن الحسين (عليه السلام) يتمسح بالكرسف ولا يغسل " (2) لإمكان مانع عن استعماله (عليه السلام) الماء، أو أمر آخر لا نعلمه، لأ نا ننزههم (عليهم السلام) عن المداومة بترك ما هو خلق كريم، وما أنزل الله فيه تكريما لعامليه " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " مع أن المناسب له (عليه السلام) الجمع لأنه أكمل، فكيف يترك ما هو الأفضل؟
وجه الأكملية مرسلة ابن عيسى: " جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار ويتبع بالماء " (3) وما ورد: " أن الآية نزلت في أنصاري أكل طعاما فلانت بطنه (4) فاستنجى بالماء " (5) إذ من المعلوم أنه لم يستحق هذا الثناء الجميل من الله تعالى إلا إذا كان آتيا بتكليفه وهو الاستجمار، فإنه حين إعماله الماء لم يكن عالما بإجزائه أو شرعيته لو لم يدع أنه كان عليهم إذهاب العين بكل ما يصلح له كما هو الأقوى، إذ أحكام شرعه (عليه السلام) ثابتة له (عليه السلام) من أول الأمر، فهو (عليه السلام) كان مستعملا له دائما وأصحابه أيضا لم يكونوا ممنوعين من إعماله فيه، بل يمكن دعوى أحسنية أعماله عند جميع الناس بالبداهة، فهم كانوا يقنعون بغيره تسهيلا وترخيصا كما يشاهد من جميع الناس، فعليه يكون مدح الأنصاري المستعمل للماء من حيث إنه استعمله على وجه التعيين ولم يكتف بالاستجمار في التعدي، فكأنه رأى عند نفسه تعين الماء في تلك الحال، فمدحه الله لإصابته لما هو حكم الله في الواقع، فتأمل.