وقال: لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الناظر والمنظور اليه في الحمام بلا مئزر (1).
وشمول تلك الأدلة للمميز غير خفي، وأما غير المميز فلو لم يدع انصرافها عنه فلا شبهة في مشكوكية شمولها له، فالأصل يقضي بعدم وجوبه سيما بعد ملاحظة أن نظره غير مقصود للناظر، فالحكمة الباعثة على الحكم منتفية عنه، وقد يستأنس للحكم بأن غير المميز بمنزلة البهائم، فنظره والنظر اليه كنظرها والنظر إليها في أنه لا يترتب عليه سوى الإبصار بلا تمييز موجب لتحريك الشهوة كما هو المناط في خروج البهائم، بل قد يفيده ما يأتي من جواز تغسيل الرجل بنت ثلاث سنين مجردة والمرأة ابن ثلاث سنين مجردا، فإنه يظهر منه أن معيار حرمة النظر التميز المهيج للشهوة المتلذذ به قابلية. ومن المعلوم أن معيار الحكم في المنظور اليه والناظر سواء.
ومنه يعلم أنه ليس المجنون والسكران كغير المميز، كما منه يعلم وضوح شمول هذا الحكم لغير المسلم وأن إلحاق بعض الكافرة بالأمة المملوكة لا وجه له وما دل على أنها بحكمها لا يشمل هذا الحكم كما لم ينسب إلى أحد من الأصحاب، ثم الواجب من الحفظ أن لا يعرض العورة للنظر بكشفها في موضع لا يأمن عن وجود ناظر فيه ولو تجددا.
قوله (قدس سره): (كما أنه يحرم النظر على كل مكلف لعورة غيره عدا ما عرفت) من الزوجين والمملوكة (وإن لم يكن مكلفا بالتستر لجنون ونحوه)، لما عرفته من الإجماع، بل الضرورة كما في الجواهر، واتحاد معيار الاحترام في الناظر والمنظور اليه، وهو بلوغ الانسان حدا يستنكف بجبلته عن أن ينظر إلى سوأته، ومن عموم آية الغض وعموم الأخبار المستفيضة كقوله - أي الصادق (عليه السلام) - في حديث مناهي الرسول (صلى الله عليه وآله): " نهى أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم وقال من تأمل عورة أخيه المسلم لعنه سبعون ألف ملك " ونهى