وإذا كان الأمر كذلك فلا يعبأ بالاستصحاب في قبالها، وأمالزوم تطهره للعمل اللاحق فلسلامة الاستصحاب عن المعارض، لعدم إحراز الشرط وهو الوضوء بتلك القاعدة. ولذا استشكل بعض العمل عليها في الشك بعد الفراغ أيضا إذا كان المشكوك شرطا كما عن كاشف اللثام في الطواف إذا شك بعد الفراغ منه في كونه متطهرا فما ذكره الماتن في جواهره عن بعض مشائخه من احتمال عدم لزوم التطهر للعمل اللاحق أيضا، بل اختياره هو إياه في غير محله، لعدم دلالة أخبار الباب على الحكم بوقوع المشكوك، وعدم إفادة قوله (عليه السلام): " هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك " (1) إياه بوجه، فلا ينقح بها وجوده أبدا فلابد من إحراز الشرط عند الدخول في المشروط مع الالتفات إما حقيقة، أو حكما، كالمتعبد بالعمل بالظن، أو بالأصل المعتبر شرعا.
مضافا إلى ما عرفت من اقتضاء الاستصحاب الخالي عن المعارض عدمه أيضا، فما أبعد ما بين هذا القول وبين من لم يعمل بقاعدة الشك بعد الفراغ في خصوص الشرط وخصها بالجزء كما أشرنا اليه، وكلاهما بعيدان عن الصواب كما لا يخفى على المتأمل في أخبار الباب.
وأما الاستثناء الذي ذكره (قدس سره) بقوله: " ولو علم قدم مأخذ الشك... إلخ " فلانصراف نصوص القاعدة عن مثل هذا الشك، واختصاص إجماعهم بغير تلك الصورة ولأن هذا الشك وإن وقع فعليته بعد الفراغ ولكنه بملاحظة قدم سببه كان من الشك قبل الفراغ به فكأنه واقع قبله.
وبالجملة حكم هذا الشك حكم الشك قبل الفراغ لمعاملة العرف والعقلاء معه كذلك، على أن الشك في دخوله في القاعدة يكفينا للزوم إحراز المشروط مستجمعا للشرائط إما حقيقة أو بحكم الشرع، وكلاهما في المقام منتفيان فالاشتغال بحاله، ولذا جعله الماتن احتياطا ولم يحكم به صريحا لإمكان