فيه بالخصوص فلا يتعدى منه إلى غيره مما لم يثبت فيه.
فتبين أنه لا مجال لأن يقال: ظاهر الأوامر لا يقتضي أزيد من كون المأمور مباشرا، وأما كون المباشرة شرطا في المأمور به فلا، فيحكم حينئذ عليها ما دل على ثبوت النيابة والوكالة فينقلب الأصل إلى مشروعية الوكالة في جميع العبادات، إذ لا يعقل دلالة الأمر على لزوم المباشرة، وعدم كونها شرطا فهو ضعيف في الغاية كما تبين ضعف الفرق بينها وبين التوصليات برفع اليد عن المباشرة فيها دونها، ومنشأ ذلك كله الخلط في ما فصلناه من قيام القرينة غالبا في التوصليات على كون المطلق هو حصول الفعل في الخارج بلا ملاحظة خصوصية صدوره عن فاعل خاص، وقيام الدليل في بعض العبادات، أو في بعض الأحوال على تنزيل الغير منزلة المخاطب ثم الخلط بين الشرط والمقوم، فتوهم أنه يكفي في نفيها عدم الدليل الخاص الدال على ثبوتها، أو أنها منفية أصلا بملاحظة الأوامر التوصلية، أو عرضا بملاحظة حكومة أدلة النيابة والوكالة على الأوامر المقتضية لثبوت المباشرة، وبالتأمل التام في ما ذكرناه يندفع ذلك كله.
ثم إنه ربما يتمسك لوجوب المباشرة بقوله تعالى: " ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " بإعانة ما ورد في تفسيره عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): " حيث نهى (عليه السلام) الوشاء حين أراد أن يصب عليه ماء فلم يدعه فقال له: لم تنهاني أن أصب عليك الماء أتكره أن أوجر؟! فقال (عليه السلام): تؤجر أنت واوزر أنا، قال: فقلت له: وكيف ذلك؟! فقال (عليه السلام): أما سمعت الله تعالى يقول: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)؟! وها أنا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره أن يشرك فيها أحد (1).
ومثله ما ورد في قوله (عليه السلام) للمأمون لما صب الغلام على يده الماء للوضوء:
" يا أمير المؤمنين لا تشرك بعبادة ربك أحدا " (2). وقريب منهما غيرهما مما