الأغسال وتعدد أوامرها فليس هناك حدث واحد متعلق به أمر واحد يرتفع بهذا الغسل، والأخبار الدالة على التداخل قد عرفت أن لا إطلاق لها يشمل الغسل الواحد مطلقا، بل عرفت ظهورها في نية الجميع عدا ما دل منها على كفاية خصوص غسل الجنابة عن غيرها على ما فصل، فليس مثل هذا الغسل من مورد شيء منها، نعم تأتي الصحة على مذهب القائلين بوحدة الحدث من اجتماع الأسباب أو على مذهب من يأخذ بالإطلاق في أخبار الباب ولو ممن يرى التعدد.
قوله (قدس سره): (وكذا يجزي الغسل الواحد عن الأغسال المتعددة مع نيتها في المندوبات أيضا) لقول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيحة زرارة: " إذا اجتمعت لله عليك حقوق أجزأك فيها غسل واحد " (1)، هذا مع إمكان التمسك بصدرها أيضا، لظهور أن ذكر الجنابة إنما هو لمحض الفرض لا لمدخلية لها بالخصوص بحيث لو لم تكن موجودة بشخصها، بل كان الموجود غيرها من الفروض لم يصح التداخل، وحينئذ فلو جعلت قوله: " لذا اجتمعت.. الخ " تفسيرا للفقرة الاولى أيضا لم يضر، لما عرفته من عدم مدخلية لوجود خصوص الواجب في المجتمعة، وعليه فيمكن التمسك بباقي الروايات ما عدا رواية ابن سنان، إلا أن يجعل موردها من ذكر اجتماع الواجب ايضا من باب المثال، وإطلاقها محكم في خصوص المسألة لجبران ضعفها سندا لو كان في المقام بالشهرة المحققة على ما يظهر تحققها من الأستاذ - طاب ثراه - من قوله: " فالمشهور ظاهرا على كفايته ".
وكيف كان فالسند للاكتفاء بغسل واحد عما يلزمه في ذلك اليوم أي عما اجتمع عليه ونوى حصولها بما يأتي به ظواهر تلك الأخبار المنجبرة بالشهرة المدعاة.
ولا يصغى إلى قول من اعتبر في الإجزاء وجود واجب فيها بدعوى أنه مورد الأخبار، لما اشير اليه أنه من باب المثال، ولقوله (عليه السلام): " يلزمه في ذلك اليوم " (2)، لأنه إشارة إلى تحقق سببه وإرادة الفاعل لايجاده.