الأغسال هنا لمناسبة ما ذكره من تداخل أسباب الوضوء وأنهما من روافع الحدث.
وقبل الخوض في تحقيق المطلب لا بد من بيان ما به يكشف عن وجه المرام غواشي الظلام ليرتفع ما لبس الأمر على بعضهم أو يتوقع تلبيسه عليه في المقام فنقول: يجب أولا تحقيق المراد من الغسل المأمور به، وتنقيح ما هو المطلوب من ذلك الغسل المسمى بالغسل.
فليعلم أولا أنه لا ريب في كون المأمور به الذي هو فعل المكلف مباشرة هو الغسل المحيط لتمام ظاهر البشرة من الجسد على وجه الانغماس في الماء أو بتوزيع الغسل على الأعضاء الثلاثة، وهو أمر واحد لا يتفاوت في جميع الأغسال واجبها ومستحبها كغسلتي ومسحتي الوضوء، فمن جعل المأمور به الحقيقي نفس تلك الأفعال إلى طبيعتها لا بد له أن يقول بالتداخل القهري، لحصول الطبيعة بالمرة الواحدة ولا امتثال عقيب الامتثال، ومن جعله أمرا وراء ذلك حاصلا من الأفعال، فإن قال باتحاد الحقيقة في جميع الأغسال كالوضوء بأن جعله طبيعة رفع الحدث وجعل الغسل محصلا له فهو ايضا لابد أن يجعل التداخل قهريا، لرجوعهما إلى تداخل الأسباب، إذ المسبب غير قابل للتعدد وتوارد الأسباب العديدة مع كونها حقيقية على مسبب واحد غير معقول، فلابد من جعلها معرفات.
وهذا معنى قهرية التداخل، وهو ظاهر الأكثر كما نسبه إليهم الأستاذ - طاب ثراه - في طهارته ومن يقول باختلاف حقائقها كما هو الأقوى تبعا للاستاذ - طاب ثراه - ويكشف عنه اختلاف آثارها كحرمة الوطي مثلا قبل غسل الحيض أو كراهته دون الجنابة ممن تمضمض واستنشق فربما يقول بالتداخل، لأن الأصل عنده في المسببات التداخل، والأقوى عدمه لاقتضاء كل سبب ايجاد مسببه بخصوصه.
بل ربما يقال بعدم إمكان التداخل، لعدم فهم التصادق في المفاهيم المختلفة المتعلقة بها أوامر الأغسال.
وملخص الكلام أنه إما أن يجعل المقام من تداخل الأسباب كما في أسباب الوضوء، فالتداخل فيه قهري، بل قد عرفت أن التعدد فيه غير معقول، وانتفاء