الذي لازمه عدم الثاني، والثاني ما نفاه المشهور بقولهم: عدم نية الخلاف الذي لازمه في الذاكر، بل مطلقا العزم على مقتضى الأولى، وإلا فلا يظن بالمشهور أن يجعلوا الأمر العدمي متعلقا للتكليف الذي هو وجوب الاستدامة. وظني أن الذي دعاهم إلى تفسير الاستدامة بالعدم ليعم صورة الغفلة بتخيل خلو الفاعل عن العزم معها، وقد عرفت وجود العزم على الفعل معها إجمالا وإن لم يشعر به الفاعل كما لا يظن بالشهيد (قدس سره) ايجاب العزم التفصيلي مطلقا ليلزمه دوام الذكر والالتفات من باب المقدمة، مع أنه عين ما فروا منه وقالوا بكفاية الاستدامة الحكمية عن فعلية العزم لأجل استلزامها العسر المنفي.
وبعد هذا البيان تعرف توجيه ما ذكره في السرائر تفسير الاستدامة من قوله:
" ذاكرا لها غير فاعل لنية تخالفها " حيث إن ظاهره من ايجابه الذكر دائما خلاف الإجماع، فليجعل قوله: " غير فاعل.. الخ " تفسيرا " للذاكر... الخ "، أو يؤخذ قوله:
" ذاكرا " حالا لا خبرا، فيصير معناه أنه في حال الذكر لا يحدث نية الخلاف.
بقي الكلام فيما ذكرناه من أنه مع التردد لا يحصل الفعل لما ذكره الأستاذ - طاب ثراه - من إحالة صدور الفعل بلا إرادة، والمتردد لا إرادة له، فإذا فرض اشتغاله بالفعل والحال هذه يكون فعله خارجا عن الاختيار فيكون وضوؤه باطلا من تلك الجهة، وإلا فمع عدم صدور فعل منه في حال الترديد لا شبهة في عدم ضرره لو رجع إلى الجزم قبل فوت الموالاة وأتم العمل، لعدم ضرر نية الخلاف الذي هو أولى منه بالافساد لو رجع عنه واستدرك ما فعله بنية الخلاف مع مراعاة ما يجب فيه من الترتيب والموالاة وغيرهما.
فتلخص لك وجه ما ذكره (قدس سره) من عدم الصحة مع الترديد أو مع نية الخلاف، وأنه في الأول لخروج الفعل عن الاختيار، وفي الثاني لكونه فعلا غير وضوئي، وكلاهما قابل للاستدراك.
وهذا معنى قوله (قدس سره): (نعم لو عاد إلى حكم النية الاولى ولم يكن قد حصل منه مفسد من فوات موالاة ونحوها أتم وضوءه من حين التردد،