ليس بتلك المثابة من الوضوح، لوجود القول بالتبعض من الفحول، وأنه غير مناف لتفريق النية على الأعضاء لجواز الاتيان بكل جزء بداعي الرفع وتوقف حصول الرفع على حصول مجموع العمل غير مناف لذلك.
قوله (قدس سره): (نعم لو لحظ الجزئية التي بها يرجع إلى قصد الكل صح) لأنه ليس بتفريق حينئذ حقيقة، بل إنما هو قاصد إلى الكل إجمالا، لأنه عين الأجزاء، وتفارقهما إنما هو بالاعتبار، بل ربما يدعى أن التفريق بهذا المعنى أولى من نية الجملة، لأن غسل الأعضاء أفعال مستقلة وكل فعل لا بد من مقارنة نيته لأوله، والاكتفاء في مثل تلك المركبات بنية الفعل اللاحق عند الاتيان بالفعل السابق إنما هو لأجل الاعتبار الذي من قبله صارت كفعل واحد، ولذا تراهم في الحج وغسل الميت ونحوهما اعتبروا تفريق النية على أجزائه لغلبة جهة الصورة من تفرق الأجزاء حسا على اعتبار وحدتها شرعا، واليه يومئ تعليلهم لصحة تفريق النية فيه دون الوضوء والصلاة بأنها فيه منفصلة حسا دونهما، فإن أجزاءهما متصلة حسا وشرعا.
والى ما ذكرناه من أولوية التفريق أشار الشيخ كاشف الغطاء حيث قال: " أما ذو الأجزاء المتفرقة الشبيه بالأعمال المستقلة كأغسال الميت الثلاثة الداخلة تحت اسم غسل الميت وأجزاء الحج والعمرة ونحوها، فعلى القاعدة لا بد فيها من تكرير النية وإن كانت صحة بعضها موقوفة على صحة البعض الآخر - إلى أن قال: - وما كان من الأجزاء الضمنية الصرفة لا حاجة فيه إلى النية " انتهى. وجه عدم الحاجة اتصال الأجزاء حسا واعتبار وحدتها شرعا.
قوله (قدس سره): (بل الأقوى الصحة فيما لو فرق النية على الأجزاء مع عدم ملاحظة الاستقلال والجزئية وإن كان الأحوط خلافه) وجه القوة قد علم مما ذكرناه وجها لأولوية التفريق، لكن فيمن يعتقد الوحدة والتركيب لكي يرجع إلى نية الجملة بسبب اعتقاده بأن المأتي به جزء، ووجه الاحتياط ما عرفته في منع التفريق عند ملاحظة الاستقلال حيث إن المركب الاعتباري يلتئم أجزاؤه