الشيطان " (1)، لدلالته مفهوما على أن مقارنته لأول العمل مفسدة له، كما أن منطوقه عدم ضرر ما وقع منه في الأثناء، قال: " وبالأولى ما وقع منه بعد العمل ".
وأنت خبير بأنه أخسها، لأن ظاهر الخبر أنه (عليه السلام) في مقام نفي ضرر الخطرات بعد خلو العمل عن المفسدات من رياء ونحوه، غاية الأمر أنه (عليه السلام) أدرج فيها العجب كما يعطيه عموم كلمة " ما "، ويؤيده قوله (عليه السلام): " وليخسأ " فإنه في مقام رفع الوسواس عنه وارغام الشيطان لئلا يغلب عليه فيفسد عمله بتلك الشبهات التي تأتيه من قبل الخطرات، أو يقعده عن العمل فيحرمه عن ثوابه، فلا تغتر.
وأما باقي الأخبار فلا دلالة فيها إلا على أنه من الموبقات، لأنه من ذميم الأخلاق الملحق صاحبه بأسفل الدركات كما يفصح عنه قوله في رواية العلل فيفسده باسناد الفساد إلى الفاعل لا الفعل، ولأنه مدخل صاحبه في معشر يحسبون أنهم يحسنون صنعا وهم مغشيون بسوء صنعهم كما ينبئ عنه قوله في خبر ابن سويد: " يزين للعبد سوء عمله... الخ " (2)، ولأن العمل الفاسد ليس بحسنة فتسمية العمل حسنة دليل صحته المبحوث عنها في الفقه فيراد حينئذ من عدم قبوله وفساده عدم كونه مقربا صاحبه قربا يترتب عليه لو صدر عن الورع التقي من نيل أعلى الدرجات، لأن المقرب المقرون بالمبعد غير مقرب سيما مع كون المبعد خلقا.
فيكون ملخص تلك الاخبار أنه من الامور القبيحة والأشياء المحرمة المقللة أو المحبطة لثواب الأعمال، كما أن حرمته كذلك متسالم عليها عند الأصحاب، بل عدم إفساده أيضا منسوب إليهم، لأن في الجواهر - بعد نقل الفساد به عن بعض مشايخه، قال: ولم أعرفه لأحد غيره - قال: " بل قد يظهر من الأصحاب خلافه، لمكان حصرهم المفسدات وذكرهم الرياء وترك العجب مع غلبة الذهن إلى