يعير بأنه تارك لهما مفسد أيضا، نعم مع استقلال القربة في كونها داعية إلى اختيارهما مثلا لا بأس بتأكده بملاحظة دفع هذه التهمة عن نفسه.
كما أنه لا بأس باختيار الجهر في القراءة في مقام التخيير وعدم ترجيح لإحدى الكيفيتين في نظره لدفع نقص جهله بالقراءة. وأما اظهاره العمل بعد استقلال القربة بالبعث إلى أصل ايجاده لدفع تهمة الترك عن نفسه أو لاقتداء الغير به فيه فخارج عما نحن فيه وداخل في الأمر المرغوب المندوب إليه، وهو الاتقاء عن مواضع التهمة، وحمل إخوانه على تجشم الامور المعروفة المطلوبان بكل وجه. ومن هذا الباب التقية في محل رخصتها، ومنه يعلم ما في قول الشهيد (قدس سره) المحكي عن قواعده ذيلا، لما حكيناه:
" فإن قلت: فما تقول في العبادة المشوبة بالتقييد؟
قلنا: أصل العبادة واقع على وجه الإخلاص، وما فعل فيها تقية فإن له اعتبارين: بالنظر إلى أصله فهو قربة، وبالنسبة إلى ما طرأ من استدفاع الضرر فهو لازم لذلك، فلا يقدح في اعتباره. أما لو فرض إحداثه صلاة تقية فإنه من باب الرياء " انتهى.
فإن إتيان السوقي في أول الوقت بصلاة الظهر - مثلا - في سوق المخالفين اتقاء منهم لكي يخفي تشيعه عليهم بإظهاره بذلك الفعل أنه ممن لايجوز تأخير الصلاة عن أول الوقت كالفرقة المحقة إحداث للصلاة تقية، ومع ذلك صحيح.
ولا يتوهم أن مقصوده (قدس سره) من إحداث الصلاة إحداث صلاة غير مشروعة هيئة أو زمانا، لأن فسادها حينئذ يأتي من قبل عدم المشروعية، والحاصل إعمال التقية في العبادة خارج عن الرياء لا أنه مستثنى منه.
ثم إن طلب المنزلة عند الناس لتحصيل غاية راجحة كترويج الحق وإماتة الباطل بكلمته المسموعة فغير داخل في الرياء، لأن مرجعه إلى تحصيل المنزلة عند الله ولأنه توصل بما جعله الشارع وسيلة لنيل مرامه وطلب منصبه المجعول له شرعا بطريقه المنصوب له من قبله (عليه السلام)، فإن الكملين من يقتدى بأفعالهم