بإطلاق كلمة " شيء من العضد " ودعوى صدقها على الجزء المرفقي، وغير خفي أن تماميتها موقوفة على الغض عن القرينتين اللتين ذكرناهما، فلا تغفل.
قوله (قدس سره): (ويجب البدأة بالأعلى على حسب ما سمعته في الوجه، وكذا عدم النكس) قد تبين وجه الحكمين، بل وجوب غسل الأعلى فالأعلى في الوجه مستوفى، بل الأدلة فيهما أسد وأتم، ولذا قد اعتبر الترتيب هنا بعض من لم يعتبره في الوجه، لصراحة بعض أخبار اليد بالابتداء بالمرفق، وبعدم جواز رد الشعر فيهما، ومنه استفادوا حكم الوجه أيضا كالمروي عن إرشاد المفيد (رحمه الله) بسنده عن علي بن يقطين عنه أنه (عليه السلام) كتب إلى علي بن يقطين بعد ارتفاع التهمة عنه وصلاح حاله عند السلطان: " يا علي توضأ كما أمر الله تعالى: اغسل وجهك مرة واحدة فريضة، واخرى اسباغا، واغسل يديك من المرفقين كذلك، وامسح بمقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كنا نخاف منه عليك والسلام " (1).
والمحكي عن كشف الغمة عن كتاب علي بن إبراهيم في حديث النبي (صلى الله عليه وآله) أنه: " علمه جبرئيل الوضوء على الوجه واليدين من المرفق، ومسح الرأس والرجلين إلى الكعبين " (2). وعن تفسير العياشي عن صفوان في حديث غسل اليد عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: " قلت له: هل يرد الشعر؟ قال: إن كان عنده آخر، وإلا فلا " (3) والمراد حضور من يتقى منه.
ورواية ابن عروة التميمي المتقدمة والوضوءات البيانية خصوصا المتعرضة منها صريحا لعدم رد الماء إلى المرفق كما في صحيحة زرارة وبكير وغيرها من الأخبار، فالحكمان وهو وجوب البدأة بالأعلى ووجوب الترتيب بين الأجزاء وعدم جواز النكس كلا ولا بعضا هو الأقوى دليلا، وهو الأمتن قولا، لما عرفت.