أنه فيها ليس للتكليف البحث أبدا، بل ظاهره بيان المانعية، كما أن ظاهر الأوامر في أمثال تلك الموارد بيان الشرطية والجزئية، ولا يفهم منهما غيرها وحده جزما، فهما في أمثال الموارد من الإرشاديات، مضافا إلى ما مر من النبويات الكافيات في المطلب بعد الانجبار بما زبر.
هذا كله مع دلالة النهي على الفساد وعدم ترتب الأثر المقصود من المعاملة عليها إذا تعلق بركنها وبما به قوامها كما في المقام في خصوص العظم والروث، لعدم تمامية ما جعل علة للحكم في العلية، إذ لم يثبت احترام أطعمة الجن كلية بتلك المثابة التي توجب تركه الهتك، سيما بعد معلومية أن استطعامهم منها ليس بنحو الأكل.
ثم لا يخفى أنه لا ينبغي الارتياب في أن المنهي عنه في المقام هو رجيع مطلق الحيوان من غير فرق بين ذات الخف منها وذات الظلف كما يفيده اختلاف الأخبار في التعبير عنه بالرجيع (1) تارة وبالبعر (2) اخرى وبالروث (3) ثالثة، ويفيده أيضا إطلاق الرجيع الصادق على الجميع، وإطلاق الروث على البعر في خبر ليث (4). الدال على أن المراد بهما واحد، وورود خصوص البعر في بعض الأخبار فلا يضر حينئذ وقوع التعبير في كلمات الأكثر وجملة من معاقد الإجماعات عن المنهي عنه بالروث الظاهر الاختصاص برجيع ذات الخف من الحيوان، لما عرفته من استفادة التعميم من الأخبار، فتخصيص بعضهم المنهي عنه به بالخصوص بتلك الملاحظة مما لا محل له بعدما بيناه.
وأما الأخير - وهو المحترم - فقد فصل المصنف - طاب ثراه - في حكمه بقوله (قدس سره): (وإن كان الذي يقوى حصول الطهارة بالأخير إذا لم يقض