مضافا إلى أن تنجس آلة الاستنجاء بأول ملاقاتها للمحل يوجب نجاستها بنجاسة الكفر، فتخرج عن قابلية التطهير به، على أن الشك في الإجزاء كاف في العدم، للأصل هذا، فتأمل فيه وفي ما يذكر للأجزاء لعلك تجد إلى الصواب سبيلا.
وأما حصول الإثم مع العمد فهو المجمع عليه كما تقدم حكايته عن جماعة، ودل عليه في خصوص المطعوم خبر الدعائم الذي قال الأستاذ في حقه في كتاب طهارته: " ان أخبار هذا الكتاب من المراسيل القابلة للانجبار "، وقول النبي (صلى الله عليه وآله) في الكسرة التي رآها في بيت عائشة عند دخوله (صلى الله عليه وآله) عليها التي كاد أن يطأها (صلى الله عليه وآله) برجله فأخذها وأكلها، وقال (صلى الله عليه وآله): " يا حميراء أكرمي جوار نعم الله عليك فإنها لم تنفر عن قوم وكادت تعود إليهم " (1) وقضية أهل الثرثار الذين ورد أن قوله تعالى: " ضرب الله مثلا قرية مطمئنة يأتيها رزقها رغدا " الآية، نزل فيهم وهم الذين كانت بلادهم خصبة فبطروا حتى كانوا يستنجون بالعجين إلى أن قال (صلى الله عليه وآله): " فكفروا بأنعم الله، فحبس الله عليهم الثرثار فجدبوا حتى أحوجهم إلى ما كانوا يستنجون به، حتى كانوا يتقاسمونه " (2).
وفحوى تعليل المنع عن الروث بأنه طعام الجن، وفحوى خبر هشام بن سالم سأله عن صاحب له (عليه السلام) فلاح يكون على سطحه الحنطة والشعير فيطؤونه ويصلون عليه، فغضب (عليه السلام) وقال: " لولا أني أرى أنه من أصحابنا للعنته ".
ولما ثبت الحكم في المطعوم من جهة الهتك يثبت في كل محترم يلزم من الاستنجاء به هتك حرمته وإن لم يلزم ذلك من مطلق تنجيسه، فإن للاستنجاء خصوصية في الإهانة، وعليها اعتمد الأستاذ في الحرمة فقوى حصول الطهارة مع الإثم، وأشرنا إلى أن الاعتماد على الاطلاق وعلى الإجماع على حد سواء، لما بيناه من عدم قيام الإجماع على الفساد، فيكفي الاطلاقات في المحرم ما لم يقض بالكفر، بل عرفت أن الاجزاء في المكفر أيضا لا يخلو عن وجه.