بناء المقالة الفاطمية - السيد ابن طاووس - الصفحة ٢٧٦
وقد سبق من قبل في كلام المخذول، على ما حكيته عنه: أن جماعة كانوا مخصوصين بحفظ القرآن عهد رسول الله، فكيف يحفظ شئ (1) لم يجمع بعد؟ ولكن المخذول يتكلم (2) بحسب الهوى غير ناظر في عاقبة.
وطعن: (بما أن السائل إذا سأل عن علماء التأويل ذكروا ابن عباس ونحوه ولم يذكروه) (3) وقد سبق جواب الجاهل عن ذلك وأتمم ذلك فأقول:.
إنه قد يكون إغفال ذكره لاشتهار أمره، إذ الشمس لا تحتاج إلى دال عليها ولا كاشف لها. وأما أن أبا بكر وعمر لا يذكران في علماء التأويل كما قال، فإن الوجه فيه عدم ضبطهما القرآن وحفظه، فكيف يتأول متأول شيئا لا يحويه ولا يدريه؟
وقد كان عمر - رضوان الله عليه - حفظ البقرة في سبع عشر سنة، وقيل في اثنتي عشرة سنة ونحر جزورا (4).
وهذا يوضح عذره - رضوان الله عليه - في عدم المعرفة بالتأويل، وكذا نعذر أبا بكر (5) في عدم المعرفة بالأب وعمر أيضا (6).

(١) ن: بزيادة: و.
(٢) ن: تكلم.
(٣) العثمانية: ١٢١.
(٤) عن عبد الله بن عمر، قال: تعلم عمر سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزورا. انظر: تفسير القرطبي ١ / ٣٤ وشرح ابن أبي الحديد: ٣ / ١١١ والدر المنثور:
١
/ ٢١.
(٥) أخرج أبو عبيدة عن إبراهيم التيمي قال:
سئل أبو بكر عن قوله تعالى: * (وفاكهة وإبا) *؟ فقال: أي سماء تظلني؟ أو أي أرض تقلني إن قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟ وفي لفظ القرطبي: أي سماء تظلني؟ وأي أرض تقلني؟ وأين اذهب؟ وكيف أصنع؟ إذا قلت في حرف من كتاب الله بغير ما أراد تبارك وتعالى.
ذكره القرطبي في تفسيره: ١ / ٢٩ الزمخشري في الكشاف: ٣ / ٢٥٣ وابن كثير في تفسيره:
١ / ٥ الخازن في تفسيره: ٤ / ٣٧٤ النسفي في تفسيره: ٨ / ٣٨٩ السيوطي في الدر المنثور:
٦
/ ٣١٧ ابن حجر في فتح الباري: ١٣ / ٢٣٠.
(٦) عن أنس بن مالك قال:
إن عمر قرأ على المنبر: * (فأنبتنا فيها حبا. وعنبا وقضبا. وزيتونا ونخلا. وحدائق غلبا.
وفاكهة وأبا) *، قال: كل هذا عرفناه فما الأب؟ ثم رفض عصا كانت في يده فقال: هذا لعمر الله هو التكلف، فما عليك أن لا تدري ما الأب؟ اتبعوا ما بين لكم هداه من الكتاب فاعملوا به وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه. وفي لفظ آخر: قال أنس: بينا عمر جالس في أصحابه إذ تلا هذه الآية: * (فأنبتنا فيها حبا... إلى آخرها) * ثم قال: هذا كله عرفناه فما الأب؟ قال: وفي يده عصية يضرب بها الأرض فقال: هذا لعمر الله التكلف، فخذوا أيها الناس بما بين لكم فاعملوا به، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه. وبلفظ آخر أن عمر قرأ هذه الآية فقال: كل هذا عرفناه فما الأب؟ ثم رفض عما كانت بيده وقال: هذا لعمر الله التكلف، وما عليك يا ابن أم عمران لا تدري ما الأب، ثم قال: اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب وما لا فدعوه وعن ثابت: أن رجلا سأل عمر بن الخطاب عن قوله: * (وفاكهة وإبا) *: ما الأب فقال عمر: نهينا عن التعمق والتكلف أورد هذه الأحاديث:
ابن جرير في تفسيره: ٣٠ / ٣٨ والحاكم في المستدرك: ٢ / ٥١٤ والخطيب في تاريخ بغداد:
١١
/ ٤٦٨ والزمخشري في الكشاف: ٣ / ٢٥٣ ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة:
٢ / ٤٩ وابن الأثير في النهاية: ١ / ١٠ وابن كثير في تفسيره: ٤ / ٤٧٣ والخازن في تفسيره:
٤ / ٣٧٤ والسيوطي في الدر المنثور: ٦ / ٣١٧ والمتقي في كنز العمال: ١ / ٢٢٧ وابن حجر في فتح الباري: ١٣ / 230 والقسطلاني في إرشاد الساري: 10 / 298.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست