والذي أقول على هذه الجملة: (1) إن أبا عثمان أسلف فيما مضى، أن أبا بكر أزهد من أمير المؤمنين، وهاهنا ذكر أن أمير المؤمنين أزهد الناس، فهو لا محالة كاذب في أحد القولين.
قوله: (كيف يجامع الزهد استبقاء المال حولا يجب فيه الزكاة)، قول ساقط من وجوه: أحدهما: إن الله - تعالى - قال لرسوله - صلى الله عليه وآله - * (ولو تجعل يدك مغلولة إلى عنقك، ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) * (2) أي: لا تكن بخيلا ولا متلافا، فتعينت متابعته * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * (3).
أضربنا عن هذا، فبناء الجاحظ على أن الزكاة وجوبها محصور في حؤول (4) الحول، دليل جهله، إذا الغلات لا يراعي [في] (5) وجوبها الحول، فلعل مولانا زرع زرعا، أو جاءه ثمر (6) نخل تعينت فيه الزكاة، وكان اداءه في وقت ذلك.
أضربنا عن هذا، فهل يستنكر لزاهد أو نبي أن يكون عنده خمسة أباعر لسفره وحركته ومنفعته الفنون (7) في حضرته؟.
هذا لا ينكره إلا سفيه، لا يعرف السنة ولا مذاهب الحكمة، وشرف المزايا، إذ من بذل ما فيه يديه احتاج إلى غيره، وذل لمن سواه، والمؤمن لا