العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٢١
بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب (1) ".
ولا يجوز أن يقول: " ومن عنده علم الكتاب " وهو يعنى عليا إلا وعلى قد كان أشهر من هناك بعلم الكتاب.
وكيف يكون ذلك وقد توفى النبي صلى الله عليه وهو لم يجمع الكتاب بعد؟! وقد زعم الشعبي أنه لم يجمعه إلى أن مات.
وكيف يكون من المشتهرين بعلم الكتاب وأنت إذا سألت أصحاب الاخبار والتأويل عن أسماء أصحاب التأويل ذكروا ابن عباس ومن دون ابن عباس بطبقات كالحسن البصري، ومجاهد، والضحاك، وعكرمة، وفلان وفلان وفلان، ولا يذكرونه في هذا الصنف، كما لا يذكرون فيه أبا بكر وعمر وعثمان، لانهم لم يكونوا بالمشتهرين بالتأويل وحفظ القرآن ومعرفة معانيه، لان غير ذلك كان أغلب عليهم منه، وقد أخذوا منه بنصيب. ولم يكونوا كمن تجرد لمعرفة التأويل حتى غلب عليه كما غلب على زيد بن ثابت الفرائض، وكما غلب علم التأويل على ابن عباس، وكما غلب كثرة الأسانيد وعدد الآثار على ابن عمر وجابر وعائشة، وكما غلب على أبى وعلى عبد الله القراءات.
ولو كان للناس أن يقولوا في هذه الآية على الظن وما هو أشبه لكان أولى الناس بها عبد الله بن عباس، لأنه كان أعلم الناس بالقرآن. ولو لم يكن عرفنا فضله فيه بالذي ظهر منه، لعرفنا فضله وإن بطن وغاب عن العيان لقول النبي صلى الله عليه فيه: " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ". فكيف وقد ظهر من علمه بمعانيه وغريبه، وإعرابه وقصصه

(1) الآية 43 من سورة الرعد، وهى خاتمتها.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»