كأنما ينطق عن لسان ابن السكيت. فقلت: يا أبا عبد الله ما تقول في ذي الرمة؟ فقال: شاعر، قلت: ما تقول في قصيدته (1) صيدح؟ قال: هو بها أعرف منها به، فأنشدته:
من المؤلفات الرمل أدماء حرة * شعاع الضحى في متنها يتوضح (2) فسكت ابن الأعرابي وقال: هي العرب تقول ما شاءت.
وقال ابن سيده: الأدم من الظباء بيض يعلوها جدد فيها غبرة زاد غيره: وتسكن الجبال. قال: وهي على ألوان الجبال.
وآدم صفي الله أبو البشر صلوات الله عليه وعلى ولده محمد وسلامه. وشذ أدم، محركة، ومنه قول الشاعر:
الناس أخياف وشتى في الشيم * وكلهم يجمعهم بيت الأدم (3) * قيل: أراد آدم، وقيل: أراد الأرض ج: أوادم.
قال الجوهري: آدم أصله بهمزتين لأنه أفعل إلا أنهم لينوا الثانية، فإذا احتجت إلى تحريكها جعلتها واوا وقلت: أوادم في الجمع؛ لأنه ليس لها أصل في الياء معروف فجعل الغالب عليها الواو، عن الأخفش.
قال ابن بري: كل ألف مجهولة لا يعرف عماذا انقلابها وكانت عن همزة بعد همزة يدعو أمر إلى تحريكها فإنها تبدل واوا، حملا على ضوارب وضويرب، فهذا حكمها في كلام العرب، إلا أن تكون طرفا رابعة فحينئذ تبدل ياء.
واختلف في اشتقاق اسم آدم فقال بعضهم: سمي آدم لأنه خلق من أدمة الأرض. وقال بعضهم: لأدمة جعلها الله فيه.
وقال الزجاج: يقول أهل اللغة لأنه خلق من تراب، وكذلك الأدمة إنما هي مشبهة بلون التراب. وقول الشاعر:
سادوا الملوك فأصبحوا في آدم * بلغوا بها غر الوجوه فحولا جعل آدم اسم قبيلة لأنه قال: بلغوا بها، فأنث وجمع وصرف آدم ضرورة.
قال الأخفش: لو جعلت في الشعر آدم مع هاشم لجاز.
قال ابن جني: وهذا هو الوجه القوي؛ لأنه لا يحقق أحد همزة آدم ولو كان تحقيقها حسنا لكان التحقيق حقيقا بأن يسمع فيها، وإذا (4) كان بدلا البتة وجب أن يجرى على ما أجرته عليه العرب من مراعاة لفظه وتنزيل هذه الهمزة الأخيرة منزلة الألف الزائدة التي لا حظ فيها للهمز، نحو عالم وصابر، ألا تراهم لما كسروا قالوا: آدم وأوادم كسالم وسوالم.
قال شيخنا والصحيح أنه أعجمي كما مال إليه في الكشاف قائلا إنه فاعل كآرز وجرى في المفصل على أنه عربي ووزنه أفعل، من الأدمة أو من الأديم، ومنعه حينئذ للعلمية والوزن.
وقال الطبري: هو منقول من فعل رباعي كأكرم، وتعقبه الشهاب في شرح الشفاء.
وذكر فيه الإمام السهيلي في الروض ثلاثة أقوال:
سرياني أو عبراني أو عربى، من الأدمة أو الأديم، كما روي عن ابن عباس.
وقال قطرب: لو كان من أديم الأرض لكان وزنه فاعل، والهمزة أصلية، فلا مانع لصرفه. ونظر فيه السهيلي بجواز كونه من الأديم على وزن أفعل بإدخال الهمزة الزائدة على الأصلية. وبسط القول فيه الشهاب في العناية في أوائل " البقرة ". وأبو بكر أحمد بن محمد بن آدم الشاشي الآدمي، بالمد، نسبة إلى جده المذكور: محدث رحال، سمع محمد بن عبد الله الغزي وأبا حاتم، هكذا ضبطه الحافظ.
والأدمان، محركة: شجر، حكاها أبو حنيفة، قال: ولم أسمعها إلا من شبيل بن عزرة.