وثانيها: أن يؤخذ بظاهر قوله: " لا احب " في رواية القسم الثالث من إرادة الكراهة، ثم يجعل قرينة على كون المراد بقوله: " لا يتوضأ " في روايات القسم الأول وكذلك ما في رواية القسم الرابع - على نسخة الكافي - إنما هو الكراهة، مع حمل قوله:
" لا بأس " في رواية القسم الثاني على نفي الحرمة الغير المنافي لثبوت الكراهة لمحل النطق وإلغاء المفهوم عن المسكوت عنه، وحمل قوله: " يتوضأ " في رواية القسم الرابع - على نسخة التهذيبين - على الإذن الموجودة في ضمن الكراهة مع عدم رجوع القيد إليه، فيكون مفاد الجميع حينئذ الكراهة المطلقة، وهذا هو الذي نقل عن السيد والشيخ في المصباح والمبسوط.
وثالثها: أن يحمل لفظة " لا بأس " في رواية القسم الثاني على إرادة نفي المرجوحية المطلقة، حتى الكراهة الغير المنافي لثبوتها في جانب المفهوم، ثم يؤخذ بظاهر قوله: " لا احب " في رواية القسم الثالث ويجعل أيضا قرينة على إرادة الكراهة من قوله: " لا يتوضأ " في الروايات الاخر، لكن مع تقييد الجميع بغير المأمونة عملا بمنطوق رواية القسم الثاني، وحمل " يتوضأ " في رواية القسم الرابع - على نسخة التهذيبين - على الإذن المطلق الذي هو القدر المشترك بين الكراهة والإباحة الخاصة، فيكون مفاد الجميع كراهة سؤر الغير المأمونة مع انتفائها عن سؤر المأمونة، وهذا هو المشهور الذي صار إليه المعظم.
وهاهنا احتمالات اخر يظهر بالتأمل، ولا ريب أن المصير إلى بعض ما ذكر من الوجوه الثلاث بعينه لابد له من مرجح عرفي يرجح أحدها بعينه، وظاهر أن مناط الترجيح هو الظهور والأظهرية، على ما هو مقرر في المرجحات الراجعة إلى الدلالة.
ولا يبعد أن يقال: بترجيح الوجه الأخير، بل هو الأقوى، وإن استلزم ذلك ارتكاب خلاف ظاهر في لفظة " لا بأس "، بحملها على نفي المرجوحية المطلقة، مع ظهورها عرفا في نفي الجهة المقتضية للمنع من نجاسة أو غيرها، وفي لفظة " لا يتوضأ " بحملها على الكراهة مع ظهورها في الحرمة، وفيها مع لفظة " لا احب " بإلحاق التقييد بهما مع ظهورهما في الإطلاق.
لكن الإنصاف: أن لفظة " لا احب " أظهر في إفادة الكراهة، والجملة الشرطية أظهر