ولا فعليته، سيما مع أن الكلام على تقدير تعلق الحكم بالطبيعة وظهور إطلاق الأدلة - على ما بيناه - في عدم مدخلية ما عدا الماهية، فسبق أثر إلى المحل لا يصلح مانعا عن التأثير وإلا لزم تقييد الأدلة بلا شاهد عليه.
ونعم ما قيل (1) - في دفع بعض ما ذكر - من: أن صدق " أن العذرة ينزح لها خمسون " على الكل إنما يوجب حدوث سبب متأخر عن الكل، لا انقلاب ما حدث بالأول إلى كونه مسببا عن المصداق الواحد الصادق على الكل.
ثم تشبيه المقام بمسألة الحدث الأصغر والأكبر، قد عرفت ما فيه بغير مرة.
نعم، ربما يشكل الحال في اعتبار تعدد الأثر على حسب تعدد الفرد الواقع في صورة وقوع الفردين على سبيل الدفعة، إذ الماهية حينئذ ليست إلا واحدة صادقة على الجميع، ولم يتحقق لها وقوع إلا مرة واحدة، فكيف يتعدد أثرها.
وقد يفصل: (2) بأن موضوع الحكم بالمقدر إن كان هو الفرد الواحد فوقوع المتعدد دفعة في حكم المتعاقبين، واحتمال خروج ذلك عن مورد النص ضعيف، وإن كان هو الطبيعة الكلية الصادقة على القليل والكثير فلا يحصل التعدد فيها إلا بالتعاقب مع الفصل الموجب لصدق التعدد.
أقول: ويمكن اعتبار التعدد أيضا على الوجه الثاني، إذ لا عبرة بتعدد الوقوع حتى يقال: بانتفائه هنا، ولا أن النظر في هذا الوجه إلى تعدد الواقع حتى يقال: برجوعه إلى الوجه الأول، بل المعتبر تعدد التأثير وإن كان قائما بماهية واحدة، كما هو كذلك في الفردين المتعاقبين، وكما أن الماهية يجوز اتصافها بوصفين متضادين فصاعدا، ووجودها في مكانين متغايرين فصاعدا، فكذلك يجوز اتصافها بتأثيرين فصاعدا، كل تأثير في ضمن خصوصية لا بشرط انضمام الخصوصية، بل لأن من دأبها أن تؤثر حال الوجود، نظرا إلى أن التأثير الفعلي من لوازم وجودها الخارجي ولا وجود لها إلا مع انضمام الخصوصية، ولا يعقل فرق من هذه الجهة بعد إلغاء الخصوصية بين وجودها في ضمن فردين متقارنين ووجودها في ضمن فردين متعاقبين، فإن المؤثر في الكل هو