بعدم الاكتفاء، بل تحقق الفارق كما يفصح عنه الاختلاف في كيفية التطهير هنا إختلافا فاحشا شديدا مع انتفاء نظيره في المسألتين، ولولا ذلك من جهة مدخلية الخصوصية لبطل الفرق المذكور جدا.
لا يقال: الإطلاق المدعى هنا لعله في حيز المنع، بل لا نرى في أدلة المقام إطلاقا صالحا لتناول سائر الأحوال، إن لم نقل بظهورها حال الانفراد كما هو كذلك في أكثرها، كما لا يخفى على من يلاحظها سياقا وسؤالا وجوابا.
لأنا نقول: إن المعتبر في نهوض الإطلاق دليلا عدم اعتبار التقييد لا ثبوت اعتبار الإطلاق، وإلا لانسد باب التمسك بالمطلقات؛ ولا ريب في عدم ثبوت التقييد ولا عدم قيام ما يقضي باعتبار الانفراد، وظهوره المدعى وإن كان مسلما في الجملة لكنه غير كاشف عن الاعتبار، لكونه ناشئا عن اتفاق الانفراد في الغالب؛ فالموجب للظهور هو غلبة اتفاق الانفراد، ومثل هذه الغلبة غير معتبرة جدا في شئ من المحاورة، وهل هي إلا نظير غلبة الصفاء في الماء الذي رتب عليه الشارع أحكاما كثيرة؟
وبالجملة: لا عبرة بالغلبة الناشئة عن مجرد العادة، لكون موردها من البدو إلى الختم من اتفاقيات الامور لا من مقاصدها، بل المعتبر منها في إفادة انصراف اللفظ وظهوره المعتبر في خلاف الإطلاق إنما هو الغلبة في إطلاق اللفظ، بأن يغلب استعماله لبعض الأفراد المساوي للبعض الآخر في الوجود أو الأقل منه وجودا.
ومن هنا يندفع ما عساك تقول في منع نهوض الإطلاق على بعض الوجوه: من إبداء احتمال مدخلية طهر المحل وعدم سبق النجاسة إليه، فيكون ثاني السببين مصادفا للمحل وهو غير قابل للتأثير؛ والإطلاق المتوهم موهون جدا بقوة احتمال الغناء عن التصريح بالاشتراط والتعرض للذكر بوجوده في موارد السؤال وعدم الحاجة إلى التنبيه عليه، كما يقتضيه سياق الأسئلة وغيرها، فإن ذلك في جميع النصوص ظاهر في ورود النجاسة أو فرض ورودها على محل طاهر، فإن ذلك ليس إلا من جهة الغلبة العادية المستندة إلى مجرد الاتفاق، ولا يصلح مثلها صارفة عن الإطلاق.
نعم، هنا مناقشة اخرى قوية لم نقف على من سبقنا إليها كجملة مما تقدم، وهي أن تحكيم هذا الإطلاق على الأصل المتقدم ذكره يعارضه قضاء نفس تلك الأدلة بكون