نعم، إذا اعتبر العقل بينهما حالة انضمام حصل عنده عنوان " الكثرة " وليس ذلك إلا مفهوما ذهنيا، مع أن الفرد الأول بحكم أدلة السببية قد أثر بحدوثه في نزح العشرة جزما، فإذا حدث الفرد الثاني لكان ينبغي أن يؤثر في نزح عشرة اخرى لا في انقلاب الحكم الأول إلى حكم آخر، لا لأن الأصل عدم حدوث ذلك الحكم، حتى يعارض بأصالة عدم حدوث العشرة الثانية نظرا إلى أن الشك في تعيين الحادث لا في نفس الحدوث، بل لأن الانقلاب يقتضي زوال الحكم الأول وحدوث حكم آخر والأصل في الحادث القلة، ولا ريب أن الزوال محل شك ولا معارض للأصل النافي له.
مع أنه كما يصدق على مجموع هذه الدماء عنوان " الكثرة " فيندرج بذلك في أدلة دم الكثير، فكذلك يصدق على كل واحد عنوان " القلة " فيندرج بذلك في أدلة القليل، ولا يمكن الجمع بين الدليلين بمراعاة المنزوحين الحاصلة بنزح الخمسين تارة اعتبارا للمجموع، ونزح العشرة مكررا تارة اخرى اعتبارا لكل واحد، لأن العبرة في تعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب بالتعدد الحقيقي الخارجي، والمغايرة بين المجموع وكل واحد اعتباري عقلي، فيجب إعمال أحد الدليلين بإعمال الترجيح بينهما، ولعل الرجحان مع دليل العشرة لكون القلة في كل واحد حقيقية والكثرة في المجموع اعتبارية.
وملخصه دعوى: أن أدلة القليل أظهر شمولا للمقام من أدلة الكثير فيجب العمل بها.
وقد يتكلف في المقام بلزوم مراعاة أكثر الأمرين من منزوح القليل المتكرر و منزوح الكثير جمعا بين الدليلين، بدعوى: " أن الموجود في الخارج على سبيل البدل إما أسباب متعددة للعشرة، وإما سبب واحد للخمسين، ولا وجه لإلغاء تأثير مصداق السبب المقتضي للأكثر، ولا لإلغاء تأثير المقتضي للأقل، لكنه يتداخل في الأكثر لعدم إمكان الجمع بين مقتضاهما للحكم بالسبعين فيما لو وقع دمان قليلان.
وإنما اعتبرنا التداخل في جانب الأقل إذ بعد البناء على تداخل مقتضي المصداقين لا معنى لتداخل الأكثر في الأقل إلا إسقاط الزائد مع وجود سببه، وهو طرح لإطلاق دليله من غير تقييد، بخلاف تداخل الأقل في الأكثر فأنه لا يوجب إسقاطا، فلو فرضنا أن التعدد يقتضي أزيد من الخمسين كما إذا وقع القليل سبع مرات فصار بالثامن كثيرا، فأنه وإن صدق على المجموع " وقوع الدم الكثير "، إلا أنه يصدق أيضا " وقع فيه سبع