ويشهد له أنه لا يفهم عرفا فرق بين ورود الأسباب المتعددة لحكم شخصي، مثل قوله: " إن زنى زيد فاقتلوه، وإن ارتد فاقتلوه "، وبين ورودها لحكم واحد بالنوع قابل للتعدد الشخصي، مثل قوله: " إن قدم زيد من السفر فأضفه، وإن زارك في بيتك فأضفه ".
ووجه الاندفاع: أن الاتحاد والتعدد الملحوظين في المقام إنما يعتبران في إيجاد النوع، بل في إيجاب إيجاده لا في نفسه، فكون المسبب واحدا بالنوع لا ينافي تعدد إيجاداته إذا قضت به السببية المستفادة عن دليل كل نوع، ولا أنه يوجب اعتبار التعدد الشخصي في مورد الدليل، ليكون ارتكابا لخلاف ظاهر فيه، إذ الشخصية الملحوظة هنا من لوازم الامتثال بالنوع، لا من مقاصد دليل ذلك النوع ولا من محتملاته المخرجة له عن ظاهره، فإذا كان ظاهر الدليل سببية كل نوع أو كل وقوع لإيجاد نوع المسبب وهو النزح، فقضية تعدد الأنواع أو تعدد الوقوعات تعدد الإيجادات بتعدد إيجابات إيجاده على حد الأوامر الواردة بإيجاد طبيعة واحدة في غير مورد التأكيد، فالحاجة ماسة إلى اعتبار التعدد لكن في الامتثال بنوع المسبب لا في أشخاصه.
وأما التفرقة بين المثالين بكون الأول من باب ورود الأسباب المتعددة لحكم شخصي، والثاني من باب ورودها لحكم واحد بالنوع، فضعفها واضح، بعد ملاحظة أن مجرد إضافة " القتل " إلى " زيد " لا توجب كونه واحدا بالشخص، لما اعتبر في الشخصية من انضمام خصوصيات اخر من جهة الفاعل وزمان الفعل ومكانه ونحوه، [و] كلها ملغاة في المثال، فقتل " زيد " كضيافته أمر كلي، غير أن الأول غير قابل لتعدد اشخاصه في ظرف الخارج لا في وعاء الذهن، والثاني قابل له.
ولعل ذلك الفرق أوجب توهم كون الأول واحدا بالشخص والثاني واحدا بالنوع.
وأنت خبير بأن ما هو من لوازم الوجود لا يؤخذ فيما هو من مقاصد الخطاب، وعدم قابلية التعدد في الخارج لا ينافي إمكان فرض التعدد.
ومن هنا نقول - في مثال القتل أيضا: إن توارد الأسباب المتعددة عليه يقضي بتعدد الأمر به على نحو التكاليف المتعددة، ولا ينافيه عدم بقاء التكليف بعد حصول امتثال واحد منها، لأن ذلك من جهة سقوط الباقي بارتفاع موضوعه لا من جهة أن الثابت بالدليل فيه تكليف واحد، أو من جهة كفاية امتثال واحد عن اشتغالات عديدة.